في مساء السبت 18 فبراير 2012م توقفت قيثارة الفن السوداني عن العزف والغناء برحيل إمبراطورها الموسيقار والمغني «محمد عثمان حسن صالح» والملقب ب «محمد وردي» والذي تميّز ومن خلال مسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن بالكثير من الإضافات والتطورات في مجال الموسيقى والغناء السوداني مما جعله يكتسب شعبية كبيرة داخل وخارج السودان، وكان بحق وحقيقة بصمة واضحة وعلامة مميزة في الحراك الإبداعي، حيث يُعتبر هو الرائد الأول في إدخال نظام المقدمات الموسيقية الطويلة للأغنية السودانية وعلى ذكرها «لو بهمسة» و»الود» و»الحزن القديم» و»السنبلاية»، حيث كانت الأغنية تبدأ بمقدمة لحنية قصيرة شبيهة باللحن الغنائي نفسه ولكنه تفرّد بمثل هذا التكتيك الموسيقي في تلك الأغنيات والتي لاقت من الرواج ما لاقت مما جعل للأغنية مقاطع لحنية متعددة وإيقاعات مختلفة دون الإضرار بالنكهة الخاصة للذوق السوداني.ولعله أول من أدخل آلة الجيتار الكهربائي وذلك من خلال أغنية «من غير ميعاد» للشاعر التجاني سعيد، وقد عطّر سماء الغناء السوداني لأكثر من خمسين عامًا غنّى فيها لكبار الشعراء وعلى رأسهم إسماعيل حسن وأبو قطاطي والحلنقي ومحجوب شريف والدوش وغيرهم من مبدعي الشعر الغنائي، وبما أنه أتى من أقصى الشمال ومن مناطق النوبة فقد كان خير ممثل للنوبة حمل تراثهم في العديد من الأعمال والأغاني النوبية التي أدخل عليها الأوركسترا الموسيقية الحديثة الكاملة والتي أضافت الكثير إلى مكتبة الغناء السوداني وتنوّعه، وقد غزت أغاني وردي الدول الإفريقية المتاخمة للسودان، حيث انتشرت في إثيوبيا وكينيا وإرتيريا والصومال وعامة دول الجوار، لينال لقب «فنان إفريقيا الأول»، وقد منحته جامعة الخرطوم الدكتوراة الفخرية عام 2005م لإسهاماته في تقدم وتطوّر الفن السوداني. رحم الله الفنان الكبير محمد وردي، فرحيله فقد كبير لعملاق إنساني أفرح وأبكى الجميع في كل المحافل.