مع قرب الإعلان الرسمي لميزانية المملكة، والتي ينتظرها الكثيرون من مواطنين وأكاديمين واقتصاديين لمعرفة الأوضاع الاقتصادية خلال الساعات القليلة المقبلة ، توقع خبراء اقتصاديون أن الموازنة تتراوح من 1 و1.2 ترليون ريال، مشيرين إلى أن الدولة ستركز اهتماهما في التعليم، والاستثمار بالعنصر البشري، والقطاع الصحي. وقالوا: «إن المشروعات الإنشائية سيكون لها نصيب، بالاضافة إلى الاستثمار في الطاقة». «المدينة» استطلعت آراء نخبة من الاقتصاديين للوقوف على اهم ما ستقدمه الميزانية المقبلة والمتطلبات والتحديات التي ستواجه المملكة خلال الفترة المقبلة. من جهته قال الدكتور محمد بن دليم القحطاني أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك فيصل: «خلال العامين الماضين شهدت المملكة ميزانيات مشجعة وتتوافق مع الظروف الاقتصادية، واثبتت ان الاقتصاد مستقر في ظل الازمات، ومن الملاحظ ان ارتفاع الميزانيات جاء مع الصدمة المالية الكبيرة التي هزت العالم كله، وهذا يعني ان المملكة تمتلك سيولة كبيرة وتمتلك سياسة نقدية تحفظية دقيقة جدًا، وأنا لا اخفي على الجميع نحن كاقتصاديين تأتي أحيانا امور تكون مفاجأة ولا نستطيع توقعها على سبيل المثال الطوارئ». وقال بن دليم: «الزيادات المستمرة في الميزانيات ليست في الصالح العام وسيكون لها تبعات في مسائل التضخم ومسائل الاتكال الحكومي أي انه سيكون هناك اتكال على الحكومة وهذا سيؤثر على الخصخصة وبالتالي لن يكون هناك تغير في الميزانية، وإنما سيكون تغير بسيط في لبعض البنود، كما أن هناك سيكون دعم للتعليم بإنشاء مدارس تعليمية وسيكون هناك اهتمام بالطاقة، وهذه تحتاج إلى دعم خاصة بعد أن علمت من خلال تقرير، أن المملكة سوف ستستورد النفط في عام 2030 م وهذه حقيقة ظاهرة غريبة لبلد يمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، ومن هنا لابد من الدعم والاعتماد على الطاقة البديلة أو الطاقة الخضراء، واتوقع ان يكون هناك جزء من الميزانية مخصص لهذا القطاع، بالاضافة الى ان زيادة الدعوات الى السعودة أتمنى أن يخصص جزء كبير من الميزانية للقطاع التقني والمهني والتدريبي للشباب خصوصًا ان المملكة متوجهة الى الضغط على القطاع الخاص لاستيعاب شريحة كبيرة من الشباب والشابات». وتوقع بن دليم أن يكون هناك جزء من الميزانية مخصص لدعم الطاقة النووية وهي تتبع بكل المقاييس وزارة الدفاع وسيكون هناك زيادة في الميزانية الخاصة بوزارة الدفاع مما كانت علية من قبل. وسنة 2012 م هي سنة التحديات والمغامرات اما 2013 ستكون سنة التركيز على أي القطاعات أهم، وقطاع الإسكان تحديدًا لابد أن يكون له اهتمام خاص وكبير وأن يخصص له جزء من الميزانية لدعم صناديق التنمية العقارية ومشكلات المواطنين، لأن النسب الماضية من الميزانية لهذا القطاع لم تحرك ساكنًا والازمة الإسكانية على حالها لم تتغير ولا تزال مشكلة العقارات قائمة ولا تزال الارتفاعات في أسعار العقار قائمة. أما بالنسبة للإنفاق الحكومي قال: «الانفاق الحكومي على المشروعات أمر جيد، ونحن معتمدون على 85 % على هذا الانفاق». وعن الفائض من الميزانية قال: «سيكون هناك فائض مالي وحركة اقتصادية في 2013 أكبر مما كانت عليه في 2012 من المتوقع ان تصل إلى 10 %، وأحب أن أشير إلى أن الفوائض ليست في صالح المملكة ويجب ألا نفرح بها كثيرًا، لأنه من المتوقع ان تزيد نسبة التضخم أي بمعنى انه عندما يزيد التضخم وتكثر الفوائض لن يكون هناك قيمة للريال السعودي كالسنوات السابقة. زيادات بسيطة أما عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بري فأكد أن الميزانية التي سيعلن عنها خلال الايام القليلة المقبلة ستتجاوز الترليون ريال، وقال: «من وجهة نظري لو تبقى الميزانية على نفس المعدلات السابقة السنوات الماضية أو تكون الزيادات بسيطة سيكون هذا أفضل بكثير، لأن الميزانيات المرتفعة والكبيرة تخلق ضغوطًا تضخمية كبيرة، ونحن من 6 سنوات تقريبًا نشهد ارتفاعات متواصلة في الأسعار ومعدل التضخم يزيد على 5 % لمدة 6 أعوام تقريبا فيصبح تراكمي أي ما يزيد عن 30 في المائة، ولو كانت هذه الفوائض تستثمر خارجيًا على سبيل المثال وهذا الاستثمار لا يؤثر على الانفاق الداخلي، لأن الإنفاق الداخلي هو الذي يزيد من حدة الطلب وعندما يزيد الطلب تزيد الاسعار وهذا سوق عرض وطلب». وأضاف: «الحكومة تنفق 750 مليارًا والقطاع الخاص ينفق أيضًا 750 مليارًا أيضًا والمواطنين ينفقون 500 مليار على الإنفاق الاستهلاكي وهذه كميات كبيرة من النقود، وكل هذه تشكل طلبًا على السلع من أسمنت و حديد ومواد طبية ومواد بناء والاراضي، وغيرها وهذه الطلبات اذا لم يقابلها عرض فمن الطبيعي ان تكون هناك زيادة في الاسعار». واكد بري أن هناك ضريبة تكمن في ان الناتج المحلي الإجمالي نما وأن هذا الارتفاع يقابله ارتفاع في معدل تكاليف المعيشة. التعليم والصحة وعن القطاعات التي ستركز عليها الدولة في الميزانية المقبلة قال: «التعليم والصحة والمياه، ولن أسثني الطرق وغيرها ولكن أتمنى من الحكومة التركيز على دراسة تحويل الإعانات إلى ذوي الدخل المحدود لأنه اصبح لدينا طبقات واضحة في المجتمع هناك اغنياء وهناك فقراء والإعانات التي تعنى بالضمان الاجتماعي أن تزيد مقاديرها وكل المشروعات التي تذهب مباشرة عوائدها المادية الى ذوي الدخل المحدود وهناك أمر مهم أيضا وهو أن على القطاع الخاص أن ينشط وليس كل شي على الحكومة - بحد تعبيره *مشروعات التنمية فيما توقع الخبير الاقتصادي فضل البوعينين أن تكون إيرادات الميزانية المقبلة 1.2 ترليون ريال بدلًا من أن تكون 750 مليار ريال، أما بالنسبة للفائض لا نستطيع توقعه، لأن مع ارتفاع الإيرادات ترتفع النفقات الحكومية ولكن من المؤكد أيضا أن يكون ارتفاع في جانب النفقات الحكومية لأن الحكومة ركزت على تعديل إنفاقها بما يتوافق مع الدخل، وإذا ارتأت أن الدخل زاد تبدأ هي أيضا في مشروعات ملحة أخرى. وعن القطاعات الحكومية التي ستركز عليها الميزانية قال: «يجب ان نعترف ان الميزانية السعودية ميزانية تقليدية فما كان في العام الماضي ستشاهده هذا العام مع اختلاف بسيط في الارقام فقط، اما بالنسبة للتوزيع ستكون متقاربة، واعتقد ان قطاعي التعليم والصحة سيكون لهما الجزء الأكبر من الميزانية وهذا أمر طبيعي، ومن وجهة نظري أن الانفاق الحكومي على التعليم هو اسثماري من الدرجة الأولى على أساس أن هذا الإنفاق يحقق التنمية المستدامة، إضافة إلى أن الإنفاق على القطاع الصحي هو أيضا استثمار في صحة الإنسان وهذا يحقق التنمية والمحافظة على صحة الإنسان، كما سيكون هناك استمرار على الانفاق التوسعي حتى 2014 وما زلنا نتوقع أن يستمر الإنفاق الحكومي على وتيرته، وإن كنت أرى ان الانفاق على الوتيره الحالية سيثر سلبا على نسب التضخم وغلاء المعيشة في البلد لأن السياسة المالية التوسعية دائمًا تؤدي الى ارتفاع نسب التضخم والتأثير السلبي على حياة المواطنين إلا في حالة واحدة أن يكون الانفاق متوازنًا مع قدرة الاقتصاد على استيعابه حينها ربما يقلل أو يخفف من مشكلات الانفاق الحكومي. وأضاف: «إن النقطة الاهم التي يجب التركيز عليها هي ان نركز على مشروعات التنمية كالمشروعات الانتاجية والاستثمار في قطاع الانتاج وهما الاسثمار الامثل ونحن بحاجة الى زيادة دخل الفرد وزيادة رفاهية المواطنين وهذه المشروعات لا يمكن تحقيقها من مشروعات البنى التحتية فقط».