دائمًا نختلق معارك لا وجود لها، ونصادم بين المتفقين اللذين لا يصطدمان، بل نصادم بين أمرين هما في الحقيقة متعاضدان متآزران: 1- ك (الحرية، والتعبد): فالعبودية لله تعالى هي قمة الحرية، بل لا حرية كاملة إلا بعبودية كاملة. 2- (حرية التفكير والقناعة من جهة، وضرورة التسليم من جهة أخرى): فالتسليم في محله الصحيح هو نتاج الفكرة الصحيحة، فالتسليم في محله لا يكون كذلك إلا إذا نتج عن حرية فكرية وحرية اختيار للقناعة؛ لأنه تسليم فيما لا أعلم لمن يعلم. 3- (سيادة الأمة، وتطبيق الشريعة): مع أن تطبيق الشريعة لا يكتمل، ولا تتحقق ضمانةُ استمراره؛ إلا بسيادة الأمة المسلمة. 4- (سد ذريعة الشرك، وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم): مع أن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما يحله منزلته من كونه صلى الله عليه وسلم أفضل خلق الله وإمام أنبيائه ورسله هو بوابة التوحيد، فلا يمكن أن يكون السعي لذلك ذريعة للشرك. 5- (اللطف مع المخالف [المبتدع المسلم]، ورد بدعته): مع أن حقوق الأخوة الإسلامية لا تزول بالبدعة التي لا تخرجه من الملة، ولا تكتمل هذه الحقوق الأخوية إلا برد البدعة نصيحة لله ولرسوله وللمسلمين. 6- (عقيدة [الولاء والبراء]، وحسن التعامل مع الكافر وحبه لأمر فطري أو مباح، ولغير دينه): فالبراء من الكافر يعني بغض دينه، وبغضه لاعتدائه (إذا كان معتديا)، ولا علاقة لبغض كفر الكافر بحبه لصفة حسنة فيه أو لفعل حسن، كحب النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب، وحب الرجل لزوجه الكتابية. بل معاملة هذا الكافر بالحسنى هو واجب الدعوة، وهو من نصرة الدين، وما كان واجبا من واجبات الدعوة ونصرةً للدين فهو من عقيدة الولاء والبراء المشروع، وليس خارجا عنها. 7- (التجديد، والانضباط): مع أنه لا ينطلق التجديد الحقيقي إلا من قواعده الراسخة. 8- (الثبات، والتراجع عن الخطأ): مع أن التراجع عن الخطأ هو الثبات؛ لأن الحق هو الثابت، والباطل هو الزائل. 9- (المنهج السلفي، وانتقاد السلفية المعاصرة): مع أن المنهج السلفي ليس هو تصورات المعاصرين عنه ولا ممارساتهم له؛ والمنهج السلفي لا يقبل التعصب الأعمى. 10- (حراسة الفضيلة، وترك الوصاية على المجتمع): مع أن حراسة الفضيلة حقا لا تتم إلا بترك الوصاية، وبتنمية الرقيب الذاتي في المجتمع. 11- (الثقة بنصر الله، ووجوب اتخاذ الأسباب): مع أن الثقة بنصر الله لا يستحقها إلا من اتبع شرع الله، ومن واجبات شرع الله اتخاذ الأسباب. 21- (الحفاظ على القيم وعلى الخصوصية الحضارية، والانفتاح على العالم بقيمه وحضاراته ): إذ لا يمكن الحفاظ على القيم والخصوصية بالانغلاق، بل الانفتاح الواعي والواثق هو الذي يحفظ قيم الأمة التي يجب أن تحتفظ بها ويحفظ لها خصوصيتها التي تستحق الاعتزاز بها والتميز بها عن غيرها. إلى غير ذلك من المفاهيم التي تتصارع، بلا داع للصراع. وكأنه ينقصنا صراع، لكي نختلق صراعا!!