قتل 27 شخصًا بينهم 20 طفلا في مجزرة ارتكبها شاب أطلق النار أمس الأول الجمعة داخل مدرسة ابتدائية بولاية كونيتيكت في شمال شرق الولاياتالمتحدة التي غرقت في حالة من الحزن والذهول أمام مجزرة قد تكون الأسوأ في تاريخ المؤسسات التعليمية في أمريكا. وندد الرئيس باراك أوباما في كلمة مقتضبة بدأ فيها شديد التأثر وقد غالب دموعه مرارًا لإكمالها بالجريمة «البغيضة»، مشيرًا إلى أن ضحايا مدرسة ساندي هوك هم «بغالبيتهم أطفال، أطفال رائعون تتراوح أعمارهم بين خمس وعشر سنوات»، وأمر أوباما بتنكيس الأعلام على المباني الحكومية الأميركية طيلة أربعة أيام حدادًا، وقال في كلمته وقد اغرورقت عيناه بالدمع: «إن قلبنا محطم..»، و ذكرت شبكة «إن بي سي» التلفزيونية الأمريكية أن المسلح المزعوم في حادث إطلاق النار داخل المدرسة الابتدائية في ولاية كونكتيكت الأمريكية هو ابن لإحدى المعلمات بالمدرسة. ونقلت الشبكة عن مسؤولي الشرطة قولهم: «إن المرأة التي تعمل مدرسة حضانة كانت بين القتلى وأن معظم الأطفال الذين لقوا حتفهم كانوا من داخل فصلها الدراسي كما عثر على أحد أعضاء عائلة المسلح المزعوم مقتولاً داخل منزل المسلح»، ووصل القاتل إلى المدرسة بعد الساعة 9,30 مسلحًا بمسدسين الأول سيغ سور والثاني غلوك وتركز هجومه على اثنين من الصفوف الدراسية، حيث قتل بدم بارد 20 طفلاً وستة بالغين. وبحسب الشرطة فإن 18 طفلا قضوا في الحال في حين توفي الطفلان الآخران بعد نقلهما إلى المستشفى، ونجت من المجزرة جريحة واحدة. ومن بين البالغين الستة الذين أرداهم القاتل مديرة المدرسة والمعالجة النفسية فيها، وحتى مساء الجمعة كانت جثث الأطفال الصغار وكذلك أيضًا جثث البالغين لا تزال في داخل المدرسة بانتظار انتهاء التحقيقات، وفرضت الشرطة طوقًا أمنيًا حول المدرسة، وطوال النهار توافد ذوو التلاميذ إلى مبنى فرق الإطفاء المجاور للمدرسة والذي تم إجلاء التلامذة إليه إثر الهجوم، وقال حاكم الولاية دان مالوي: «لا يمكن أن نكون أبدًا مستعدين لمثل هذا الأمر»، وأضاف: «الشيطان جاء إلى هذه المنطقة، ولكننا سويًا في مواجهة هذه المأساة وسوف نتخطاها»، وقال خبير في أمن المدارس ومدير سابق لمدرسة ثانوية شهد حادثًا لإطلاق الرصاص على الطلبة: «لم يكن بإمكان المدرسة منع وقوع (إطلاق الرصاص) دون معرفة مسبقة بأن (القاتل) قادم»، وقال: «نحن نجري معادلات لحوادث إطلاق الرصاص في المدارس التي يقوم فيها طلبة بقتل طلبة آخرين». ولم يتضح بعد ما هو نوع الإجراءات التي تتخذها المدرسة بطريقة روتينية لكن وسائل الإعلام قالت: «إن دخول المدرسة محدود للزوار وإن الأبواب تغلق بعد الساعة 9.30 صباحًا، ويعتقد أن إطلاق الرصاص وقع بعد ذلك الوقت مباشرة». وأضاف: «إنه لا سبيل لأن يحمي الطلبة والمدرسون أنفسهم عندما يبدأ شخص ما في إطلاق الرصاص من أسلحة»، وقال: «إنه حتى أي حارس أمن أو أبواب مغلقة ما كانت ستمنع القاتل»، ولم تكشف الشرطة عن اسم القاتل، ولكن وسائل الإعلام الامريكية قالت في بادئ الأمر إنه يدعى راين ولكنها عادت وقالت: «إن اسمه آدم لانزا وعمره 20 عامًا، وأن الشرطة استجوبت شقيقه راين البالغ من العمر 24 عامًا، ولا تزال دوافع مطلق النار مجهولة». وبحسب إفادات بعض من أهالي التلاميذ وموظفين في المدرسة فإن أكثر من مئة رصاصة تم إطلاقها خلال الهجوم، وقال تلميذ في الثامنة من العمر يدعى بريندان موراي لشبكة «سي ان ان»: «إنه سمع في الصباح مع رفاقه صراخًا وصيحات استغاثة، وإنه على الأثر قالوا لنا: أوجدوا مكانًا آمنًا فاختبأنا في خزائن قاعة الرياضة». وأضاف: «بعدها قالت الشرطة نحن نقوم بعملية إجلاء، هيا أسرعوا، فركضنا إلى ثكنة فرق الإطفاء..»، وروت معلمة في المدرسة لشبكة «سي ان ان» والدموع في عينيها كيف أنها حبست نفسها في الصف مع تلامذتها الصغار لدى سماعها أزيز الرصاص، وكيف أنها طلبت منهم عدم إصدار أي صوت كي لا يجذبوا الانتباه إليهم. ومجزرة نيوتاون هي إحدى أسوأ المجازر في تاريخ المؤسسات التعليمية الأميركية، وفي أبريل 1999 في كولومبيا بولاية كولورادو أيضا أطلق فتيان النار في مدرستهما فقتلا 12 تلميذًا ومدرسًا واحدًا ثم انتحرا، في أبريل 2007 قتل طالب في ال23 من العمر 32 شخصًا قبل أن ينتحر وذلك في مسكن الطلاب في معهد فيرجينيا للعلوم. ومساء الجمعة تظاهر حوالى 50 شخصًا أمام البيت الأبيض للمطالبة بتشديد الضوابط المفروضة على اقتناء الأسلحة النارية التي حصدت في 2009 حياة 31 ألف شخص في الولاياتالمتحدة، أكثر من 18 ألفا منهم قضوا انتحارًا». وفي سياق ردود الفعل ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالمجزرة، مؤكدًا أن «استهداف أطفال هو عمل بغيض ويفوق التصور». من جهتها قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي في بيان: «أود أن أعبر عن صدمتي بعد إطلاق النار المأساوي في مدرسة في كونيتيكيت»، وأضافت: «في هذه الأوقات العصيبة أفكر بالضحايا وبعائلاتهم وبالشعب الأميركي».