رحم الله زماناً كان فيه الهاتف جهازا ثابتاً لا يبرح الطاولة المخصصة له في البيوت و مكاتب العمل تجري من خلاله المكالمات الهاتفية و لا شيء سوى ذلك ، ثم جاء زمن الهاتف الجوال الذي كان أيضاً رغم تجواله و تفاخر البعض بامتلاكه كوجاهة اجتماعية لا يعدو أن يكون هاتفا يستقبل المكالمات الصوتية و يرسلها إضافة إلى إرسال واستقبال الرسائل النصية القصيرة. ثم تطور مع الأيام إلى ما يعرف بالهاتف الذكي كناية عن كونه حاسبا آليا صغيرا متصلا بالعالم الافتراضي من خلال شبكة الإنترنت العالمية و ظهرت له برامج تطبيقات كثيرة كمثل الواتس أب شاغل الناس حتى عن دنياهم ، تجري من خلاله إضافة للخدمات الهاتفية وتبادل الوسائط المتعددة ،التعاملات الاقتصادية وتحويلات الأرصدة والاستخدامات الأمنية و الإجرامية على حد ٍ سواء و التطبيقات الطبية .... الخ ، وأخذت بعض المواقع الشهيرة تتاجر في المعلومات عن المستخدمين من معلومات شخصية و مالية و ملفات طبية و صور عائلية و تذكارية حتى أصبح أصحاب تلك الجوالات «الذكية» شفافين يسيرون على أديم الأرض لا أسرار لهم ، لكن التطور التقني الذي نحن بصدده هو تمكن فريق باحثين بقيادة المهندس علي حج ميري من جامعة مؤسسة كاليفورنيا التقنية المعروفة اختصاراً ب ( كال تك ) بلوس أنجلوس و هي أقوى أو ثاني أقوى جامعة تقنية بالولايات المتحدةالأمريكية من تطويع تقنية ( التيرا هرتز ) لدمجها مع كاميرا الجوال فتصبح كاميرا الجوال قادرة على الرؤية من خلال الجدران ، و داخل الجمادات. تقنية التيرا-هيرتز أو تردد الموجات الكهرومغناطيسية بسرعة 10 12 ( عشرة و أمامها 12 صفراً ) دورة في الثانية الواحدة ليست جديدة ، بل هي من ضمن طيف الموجات الكهرومغناطيسية المعروفة للمتخصصين و لكثير من الناس و تقع بين ترددات المايكروويف و الأشعة دون الحمراء ، و تتميز عن الأشعة السينية بأنها تستطيع اختراق العديد من المواد والأجسام دون إحداث الأضرار التي تتسبب فيها الأشعة السينية التي تؤين المادة ، و هي تقنية قليلة الاستخدام نسبياً نظراً لأن توليدها و استخدامها يتطلب طاقة عالية و أجهزة كبيرة الحجم سواءً في الإرسال أو الاستقبال، و من أمثلة أجهزتها ما ركب في العديد من المطارات العالمية من أجهزة التفتيش التي تشف عن ما تحت الملابس من أسلحة نارية و متفجرات. الإبداع الذي توصل إليه المهندس علي حج ميري و زميله هو التمكن من إنتاج موجات التيرا هيرتز ، و أيضاً استقبال انعكاساتها من خلال رقاقة من السليكون زهيدة الثمن لا تزيد مساحتها عن مساحة ظفر الأصبع البشرية، وتمكنا من توصيلها بكاميرات صغيرة كمثل تلك المثبتة في الجوالات المتاحة للناس ، و تمكنا من أخذ الصور لسلاح أبيض خبئ بداخل دمية دب ، و تمكنا كذلك من أخذ الصور للأجسام الصلبة عبر الجدران. بهذا الإنجاز التقني الخارق يمكن لجهاز الجوال بنفس الحجم المتداول حالياً خلال أشهر من الآن أن يحل مكان بعض أجهزة التفتيش الضخمة باهظة الثمن التي تكلف ملايين الريالات للجهاز الواحد المستخدمة في المطارات ، وغيرها من التطبيقات الأمنية ، كما أنه ليس لسوء استخدام جهاز الجوال إن تم تصنيعه بهذه التقنية المبتكرة حدود من قبل المجرمين و ضعاف النفوس ، مما سيطرح أسئلة أخلاقية و قانونية كثيرة و معقدة قبل السماح بإدخال تقنية التيرا-هيرتز على كاميرات الجوال. اللهم أستر عبادك المسلمين فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض.