في تمام الساعة الثامنة، وكي لا يذهب تفكيرك قارئي العزيز إلى (ثامنة) داؤود الشريان أُضيف: والنِّصْف.. لتكتمل الصُّورة والمشهد.. من السبت إلى الأربعاء يُطِلّ على المواطن/ المواطن: علي العلياني من قناة (روتانا خليجيّة) في برنامجه الأكثر سخونةً (يا هلا) حامِلاً على كتفه أهمّ ملفّات الأربع وعشرين ساعة التي تسبق الحلقة، بضميرٍ يعرف سخونة الأسفلت، وعرق الكادحين، ورائحة الأرصفة.. يعرف ذلك بقدر جَهْلِه لأصوات الملاعق، والشوكات، ورنين العملات النقدية على أسطح الرُّخام، يقول عنه: -عبدالمحيد الزهراني- بأنّه مذيعٌ يملأ الاستوديو بالأفعال لا الأقوال، بينما الآخرين يفعلون العكس! وهو تشخيصٌ يضع أصبعه على واحدٍ من أهَمّ الفروق بين مذيعنا العلياني.. والنُّسخ الكربونية الباهتة من البرامج والمذيعين الذين يملأون القنوات الفضائية (الفاضية)، ويعزفون أغانيهم المتشابهة على مقام: هَمّ المواطن والقضايا الإنسانيّة التي تهمّه، وأثر الفساد وتأثيره على الطبقة التي (رايحة فيها)!، لكن هذا الفرق ليس الفرق الوحيد أبدًا، فبينما تمارس البرامج الأخرى دور التنفيس لا أكثر.. يمارس هذا البرنامج ومقدّمه دور المحقق مع المتهم، والمحامي مع المظلوم، والقاضي المحايد بين (أ) و(ب)، مهما كان (أ) ومهما كان (ب)!.. يمارس الآخرون الضجيج ويتكلّم بهدوء، ينفعلون ويتّزن، (يُغطّون) الأخبار ويَكْشِفها، يُحاولون البحث عن الحقيقة ويبحث عن الحقيقة فعلاً، يَعْرِضون نصف الحقيقة ويُعرِضُون عن النِّصف الآخر.. يعرُض الحقيقة كاملةً لأنّه يؤمن بأنّ الحقيقة لا عورةَ لها! يتلعثمون ويتحدّث بطلاقة.. يضعون القضيّة أمام المسؤول.. ويضع المسؤول أمام القضيّة، لتنهمر الأسئلة بكل حياد وشفافيّة ووضوح.. إضافةً إلى أنّهُ من نُدرةٍ لا تجعل من الحُبّة قبّة.. ولا من القبّة حبّة، وهذا ما لا يستطيعه الآخرون.. فَهُم إمّا يُضخّمون صغيرًا وإمّا يُصغّرون ضخمًا.. ليُضمّخوا آذاننا في النهاية بما لا حاجة لنا بسماعه، فقد حفظناه عن ظهر قلب. ماذا بقي؟!.. بقي القول: بأنّ المواطن أصبح واعيًا.. يعرف الفرق بين مَن لا يتعدّى دوره أن يُخبره بأنّ رأسهُ يؤلمه.. وبين مَن يساعده في معرفة سبب ذلك الألم! وربما لذلك يُمكن لنا تفريغ كل الاستوديوهات بمقال ونشرُه، ولكن يستحيل فعل ذلك مع استوديو العلياني.. ذلك المُقدِّم.. الذي لا وقت لديه ليحلِق ذقنه!