* احتضن الغرب عددًا من رموز العمل السياسي في البلاد العربية، بعد أن ضاقت بهم السبل، وانسدّت أمامهم الآفاق، ولم يقتصر ذلك الاحتضان على تيار -بعينه- بل يستطيع المرء أن يقول إن اليمين واليسار في تلك البلاد يتسابق على الحصول على جواز غربي، ولا يخفي نشوته من حيازته على ذلك الصيد الثمين. وقد شاهدت بنفسي كيف أن شخصية متناقضة، وتنتقل من ضفة لأخرى -حسب ما تمليها عليها مصالحها الضيّقة- كيف أن هذه الشخصية التي تتولّى مسؤولية إصدار صحيفة عربية من شارع الصحافة البريطاني، كانت في مناسبة معيّنة تمد يدها إلى المعطف الذي ترتديه، لتخرج منه فرحة مفاخرة بحصولها على جواز السفر البريطاني، ولكنها في قنوات عربية، ولأغراض تكتيكية تشتم الغرب، وتشيد بالشيخ. ** الشخصية الأخرى التي سوف أبوح باسمها هو «راشد الغنوشي» زعيم حزب النهضة الإسلامي التونسي، الذي لجأ إلى الغرب، وحظي بحماية الحكومة البريطانية له لمدة تقارب العقدين من الزمن، وللأسف الشديد فإنه على الرغم من الأحاديث الاستهلاكية التي يدلي بها الغنوشي ضد الغرب ومؤسساته، وذلك بعد عودته إلى وطنه الأصلي، إلاّ أن الغنوشي له خطاب آخر عندما يقوم بزيارة للمؤسسات ذات الصبغة العالمية، فهو مثلاً: عند زيارته -أخيرًا- للمعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية «شاتام هاوس» الذي تأسس قبل حوالى تسعين عامًا، 1920م». The Royal, Institute, of, International Issues and–Current, affairs. ** لقد نأى الغنوشي بالحديث عن الغرب الذي يكرهه ويستجديه في آن، أو بالتعرض لما تمر به بلاده من أزمة سياسية، وتوجه بالحديث عن دول الخليج العربي ملمّحًا إلى أن هناك تغييرًا سوف يواجهها، ولا يخفى على فطنة المتابع أن الغنوشي وأمثاله يبشرون بمشروعهم السياسي الخاص بهم، والمنطلق من رؤاهم الضيّقة. ** ولهذا كان استنكار الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني «الوطن، 20 محرم، 1434ه» في محله ومتوافقًا مع الرؤية الخليجية التي ترفض التدخل في شؤون الآخرين، كما ترفض تدخل الآخرين في شؤونها، فهل اكتفى الغنوشي وأمثاله بهمومهم بعيدًا عن تصدير أزماتهم للآخرين؟!