إن تقدم أي مجتمع ورقيّه يقوم على توفر ثلاث ركائز أساسية لهُ هي : قضاء نزيه و إعلام حر مستقل بالإضافة إلى مجتمع مدني قوى و فاعل .. ومن أهم وسائل الإعلام التي تدعم المجتمع هي الصحافة و التي قيل عنها أنها السلطة الرابعة في المجتمع لما لها من تأثير في نشر أفكار وآراء و مشكلات و هموم المجتمع و توضيحها للرأي العام بما يساعد على حل المشكلات و تبادل الآراء و الأفكار . ومع انتشار الإعلام الالكتروني الحديث و مواقع التواصل الاجتماعي في الشبكات العالمية و المجلات و الصحف الإلكترونية ، فإن ذلك قلل من أهمية الصحافة الورقية و خاصة بين فئات الشباب التي استهوتها التكنولوجيا الحديثة و بدأت في بث أفكارها واحتياجاتها في العالم الافتراضي لإيصال صوتها للجهات المعنية . ومع ذلك لا ننكر أهمية الصحافة الورقية عند شرائح كبيرة من المجتمع و لازالت الصحيفة المفضلة مع كوب القهوة الصباحي هي جزء من روتين الكثير من الناس وتظل المصداقية و الشفافية هي أهم ما يطلبه القارئ . و تعتبر صحيفة المدينة -و بدون مجاملة او مبالغة - من أكثر الصحف السعودية إتزاناً في طرح الرؤى والأفكار ومن أكثرها صدقاً و شفافية في معالجة المشكلات وهي تبتعد إلى حد كبير عن البهرجة الإعلامية و التضخيم و المبالغة التي نجدها في صحف أخرى ... و لعل هذا ما أهّلها للحصول على جائزة مكة للتميز في عام 1431ه فهي دائماً في موقع الحدث فور حدوثه صورة و صوتاً صادقاً و معبراً عن أبناء الوطن و همومهم ومشكلاتهم . .. ومن المؤكد ان الحقيقة و صدق الحدث هو الذي يفرض على الصحفيين و كافة الإعلاميين الوصول له بل و التنافس و التطاحن على السبق الصحفي للموضوع ، لا ان يذهب بقدمه من يدعي و جود حدث وشتان بين الاثنين . ولدور الإعلام العظيم في ظل ثورة التكنولوجيا المعلوماتية و انتشار الشبكات العالمية و في ظل وجود المشبوهين و معدومي الضمير لابد من توعية الفرد بأهمية التحقق من الخبر و التعامل معه بحذر و اكتشاف مدى مصداقيته بالرجوع إلى مصادره الأولية . واكتشاف الأخبار الملفقة و المزيفة من الأخبار الصادقة والحقيقية ونطبق القاعدة الإيمانية في قوله الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ،أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) (الحجرات الآية 6) ونعود لأهمية أن تكون الصحافة حرة مستقلة للمساهمة في رقي المجتمع وتقدمه و ذلك لإيصال صوت المواطن و كشف الحقائق للإصلاح المنشود ولترسيخ التوازن و التقارب الاجتماعي بين السلطات التشريعية والتنفيذية من جهة و المجتمع من جهة اخرى خاصة في ظل انتهاج سياسة غلق الأبواب لدى بعض المسؤولين ووضع السواتر وعدم تقبلهم للاستماع لصوت المواطن ... ربما لان سماع الحق قد يصم بعض الآذان التي اعتادت سماع الهش و الضعيف من الأخبار.. و الله المستعان. فاتن محمد حسين- مكة المكرمة