ارتبطت المسرحية بالمسرح وخشباته، ومن عصر الرومان واليونان كان لها الجانب النظري من خلال "تقعيدات" أرسطو؛ لكن هذه "التقعيدات" كانت تنفذ، بمعنى أنها لم تكن نظرية فحسب. كانت تجارب "أسخليوس"، "يوربيديس"، "سوفوكليس" ظاهرة فيما يتصل بعدد الممثلين، وبشؤون المسرح والمسرحية. واستمر المد المسرحي على يد الأوروبيين، وظهر "شكسبير" فكان التحوّل الأهم في مسار المسرحية. لكن المسرحية كانت تقريبًا بلا قراءة، حتى جاء النرويجي "إبسن" فصنع "المسرح الذهني". وبدأت المسرحية تقترب من الناس "مقروءة". هذا في العالم الأوروبي، أمّا في عالمنا العربي، وأدبنا العربي الحديث ف"توفيق الحكيم" هو رائد المسرحية المقروءة من خلال قدراته القصصية، والكتابية التي صنعت للأدب العربي مسرحيات بارزة، لم تحمل موهبة توفيق الحكيم المسرحية العظيمة فحسب، بل حملت أفكاره الفلسفية، ورؤاه في الحياة والمجتمع والناس. كتب عدة شعراء "مسرحيات شعرية" مثل: صلاح عبدالصبور، وعبدالرحمن الشرقاوي.. حملت نكهة التاريخ؛ لكن قامة توفيق الحكيم ظلت الأكثر شموخًا. وكتب قصاصون "المسرحية" مثل: "يوسف إدريس" الذي كان يصرخ في هذا المجال: "ما فيش مسرحيات للقراءة"، يقصد أن المسرحية لا توجد إلا على خشبه المسرح بشكلها الحسيّ الدراماتيكي، لكن مسرحياته قرئت، ومن قبله أعيدت طباعة مسرحيات شكسبير عدة مرات، وقراءتها طوال هذه السنين وفي آتي الأيام. إذًا "فيه مسرحيات للقراءة" وليس كما تصوّر القاص المميز "يوسف إدريس"، ولأن المسرحية مزيج من قصة و"حوار" مزيج من شعر وحدث، فهي إبداع ومن ثم فهي تُقرأ، وستظل تقرأ..!!