رعى سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي، ظهر أمس، افتتاح فعاليات مؤتمر الفكر العربي السنوي «فكر11» المنعقد في مدينة دبي تحت عنوان: «المواطن والحكومات: رؤية مستقبلية»، والذي يطرح موضوعًا يلامس الهموم الحياتيّة والمعيشيّة للمواطن العربي من خلال معادلة المواطن والحكومات من منظور اقتصادي واجتماعي. ويأتي ذلك مكملاً لموضوع «فكر 10» الذي ناقش التحوّلات الجارية في الوطن العربي من منظور سياسي وثقافي. وأكد الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبدالمنعم في كلمة ألقاها في حفل الافتتاح على أن برنامج المؤتمر لهذا العام يحتوي على عدد من الأسماء المشاركة في جلسات «فكر 11» ذات خبرات وتجارب وثيقة الصلة بموضوع المؤتمر، موضحًا أن جلسة «التنافس والتعاون.. ما وراء حدود الوطن» سيتحدث فيها كل من محمد الشعار من سورية، ومصطفى أبو نبعة من الجمهورية الدومنيكية، كما يضم المؤتمر مجموعة من ورش العمل، كما يشارك وزير الدولة اللبناني السابق جان أوغاسبيان في جلسة بعنوان «الوطن العربي 2020: التنمية ومستقبل الحكومات»، وأما جلسة عرض البحوث والدراسات المتعلّقة بموضوع المؤتمر فيتحدّث فيها عبدالعزيز الحر، وعلى أن تُختتم فعاليات المؤتمر رسميًا بكلمة ختامية يلقيها خالد اليحيا رئيس البرامج التعليمية بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، وذلك قبل حفل توزيع جوائز الإبداع العربي الذي تستضيفه مساء اليوم ندوة الثقافة والعلوم. وكانت فعاليات المؤتمر في يومها الأول انطلقت مع جلسة «فكر وأفكار» بالتزامن مع ورشتي عمل تدريبيّتين الأولى بعنوان «التواصل الحكومي- تفعيل الإعلام الاجتماعي»، والثانية بعنوان «البنية التحتية لأجيال مستقبلية»، وانعقدت بعدها الجلسة الرئيسة بعنوان «تجربة دبي». وبعد ذلك تم الانتقال للجلسة الرئيسة الثانية بعنوان «الوطن العربي 2020: التنمية ومستقبل الحكومات»، تلاها عرض لملخّصات بحوث ودراسات تتعلّق بإحداث 11 مليون وظيفة. واختتم اليوم الأول (أمس) بجلسة عن دور الإعلام وشفافية الحكومات. وتنطلق اليوم الثلاثاء فعاليات اليوم الثاني والأخير على المنوال نفسه، من خلال ثلاث ورشات تدريبية متزامنة تحمل العناوين التالية على التوالي: «كيف تتنافس الدول؟ الميزة التنافسية للدول العربية»، و»نحو صنع سياسات عامة تشاركية: إشراك أصحاب المصلحة المباشرة»، و»إنتاجيّة أكثر بكلفة أقلّ: حكومة أصغر لخدمات أفضل». كما يشهد المؤتمر جلستين عامتين:»التنافس والتعاون- ما وراء حدود الوطن»، و»العمل الخيري في الوطن العربي.. في سبيل خدمات أفضل للمواطن». ثم تُختتم فعاليات المؤتمر رسميًّا بكلمة مؤسّسة الفكر العربي الختامية. المعرفة الاقتصادية في مقهى الشباب من جانب آخر، بدأت أمس فعاليات مقهى الشباب تحت عنوان «المعرفة الاقتصادية.. دور الشباب في حكومات المستقبل»، وجمعت عددًا من شباب العالم العربي، يناقشون مسائل محورية مرتبطة بالنمو في المنطقة ويتدارسون دور الشباب في هذا الشأن. واستهل الأمين العام المساعد لمؤسسة الفكر العربي والمدير التنفيذي لمؤتمرات فكر حمد العماري الحوار بكلمة قال فيها إن مفهوم مقهى الشباب قد أبصر النور خلال مؤتمر «فكر7» الذي انعقد في القاهرة عام 2008 ويهدف لجمع الشباب من خلفيات وبلدان مختلفة للتداول بشأن المسائل الاقتصادية المحورية ولطالما لعب المقهى دورًا مهمًا في العالم العربي فهو ملتقى المثقفين والنشطاء يناقشون فيه المستجدات الملحة. ثم ألقى الدكتور إبراهيم سيف وهو باحث مقيم «بمركز كارنجي للشرق الأوسط بيروت» الكلمة الرئيسة وكانت عن الأنظمة الاقتصادية المختلفة في الشرق الأوسط. بعد ذلك جلس المشتركون بمجموعات مكوّنة من أربعة أفراد وناقشوامجموعة متنوعة من القضايا، مثل المؤشرات الاقتصادية الأساسية من أجل التنمية، وأهمية معرفة الشباب بها، ودورهم. وكانت محصلة هذا يوم أمس أربع جلسات للمناقشة تخلّلتها فترات لطرح الأسئلة وإبداء الرأي. الفيصل يدعو وزراء الثقافة العرب لقراءة التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية أطلقت مؤسسة الفكر العربي، التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية، الأول من نوعه الذي تُطلقه مؤسّسة ثقافية عربية بتمويل عربي، والذي جاء هذا العام تحت عنوان «الاقتصاد العربي القائم على المعرفة»، وهو يغطي واقع التنمية الثقافية في حوالى 20 دولة عربية. وأكد الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور سليمان عبدالمنعم على أهمية الاحتفالية التي تأتي مكمّلة لمشروع «بدا صعب التحقق، قبل خمس سنوات»، مرجعًا الفضل لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي قطع أي تردّد في هذا المجال من خلال المؤازرة الحثيثة التي قدّمها لتطبيق الفكرة. من جهته، أثنى الأمير خالد الفيصل على الجهود التي أنتجت التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية، وأكد أهمية إطلاق التقرير السنوي، معربًا عن تفاؤله بمثل هذه الخطوات البنّاءة التي تحد من التشاؤم الطاغي على واقع «النهوض باللغة العربية»، مضيفًا أن التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية يختلف عن التقارير السابقة، إذ أنه حظي بقبول كبير وبإشادة كل من اطلع عليه في العالم العربي. وأشار الأمير خالد الفيصل إلى أنه خلال زيارته لإحدى ورش العمل الشبابية التي عُقدت أمس على هامش «فكر11»، أنه أكد للشباب المشاركين الآمال المعقودة عليه، إذ توجّه إليهم بالقول: أنتم مستقبل هذه الأمة وما تفعله مؤسسة الفكر العربي هو للمستقبل وأنتم المستقبل أنتم الباقون ونحن ذاهبون. وأضاف: قلت لهم إننا نعدّهم لمستقبلهم، إنهم شبابنا ومستقبلنا وأصحاب القيادة في الغد. وعبّر سموه عن فخره بالشباب بالقول: في الحقيقة يجب أن أقول لكم بكل صراحة إن ما وجدته من الشباب المشاركين من 20 قطرا عربيا مدعاة فخر وأقول لكم يجب أن تفخروا بأولادكم وبأحفادكم. وأضاف: في جميع التقارير التي قُدمت عن المؤسسة كانت لنا مفاجأة والمفاجأة الحقيقية تكمن في الحقائق لأن التقارير لا تحوي تعليقا أو نقدا هي فقط إعلان عن واقع الثقافة والفكر في العالم العربي، وفي هذا التقرير ستجدون مفاجآت كبرى في المجال الثقافي في التنمية في الدول العربية وأن هناك دولاً صغيرة تختلف عن الدول الكبيرة بالشكل الإيجابي، متمنيًا أن يتم الاطلاع على التقرير من أصحاب القرار وأن تأخذه الجهات الحكومية المختصة على محمل الجد وأن تطلع عليه لما يشمله من آراء للإنسان العربي المثقف، داعيًا وزراء الثقافة في العالم العربي إلى الاطلاع على التقرير وأخذه على محمل الجد. وقد شهد إطلاق التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية، تكريم رؤساء الصحف الراعية للتقرير، فسلّم الأمير خالد الفيصل دروعًا لكل من إبراهيم الكندي الرئيس التنفيذي لمؤسسة عُمان الثقافية للنشر والإعلان، ورئيس تحرير صحيفة البيان الإماراتية ضاعن شاهين، ورئيس تحرير صحيفة الأيام البحرينية عيسى الشاجي، ورئيس تحرير صحيفة الصباح المغربية خالد الحري، ورئيس تحرير مجلة دبي الثقافية سيف المري، وحاتم مؤمنة مدير عام مؤسسة عسير للصحافة والنشر. مشروع إعلان «لننهض بلغتنا» بحضور الأمير خالد الفيصل، ووزراء الثقافة العرب، وهم: وزير الثقافة الإماراتي عبدالرحمن العويس، ووزير الثقافة الأردني الدكتور سميح المعايطة، ووزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي آل خليفة، ونائب رئيس المجلس التنفيذي لليونسكو الدكتور زياد الدريس، ورؤساء المجامع اللغوية العربية، ورؤساء تحرير الصحف العربية، وحشد كبير من المفكرين والباحثين واللغويين والإعلاميين العرب، أقيمت في فندق جراند حياة دبي وقائع الاحتفال بمشروع إعلان «لننهض بلغتنا» الذي اضطلعت به مؤسّسة الفكر العربي، والذي يهدف إلى تعزيز اللغة العربية والإعلاء من شأنها ووقف تدهور استخدامها. وجاءت مبادرة مؤسّسة الفكر العربي «لننهض بلغتنا»، التي أُتيح من خلالها لأهل العلم والرأي والخبرة، أن يضعوا رؤية مستقبلية لواقع اللغة العربية في المجالات كافة، والأمل بأن يتوافر لهذه الرؤية ما هو جدير بها من رعاية ومؤازرة على أعلى مستوى سياسي. وألقى الأمير خالد الفيصل كلمة جاء فيها: يُشرّفني أن نلتقي بكم في مؤسّسة الفكر العربي في هذا اليوم المبارك وهذه الساعة التي تنطلق بها بعض مشاريعها الثقافية والفكرية التي تهمّ إنساننا العربي وفي الطليعة بينها اليوم مشروع اللغة العربية وعملية النهوض به. وقال: إن لغتنا هي لغة الضاد ولغة القرآن الكريم لذلك يجب أن يحافظ عليها كل عربي وكل مسلم، وإذا كنّا في الماضي نُحمّل الاستعمار ومشروعاته وزر إهمال هذه اللغة ومحاربتها وكنا نتصدّى للأمر بكيفيات شتى، فإننا اليوم بصدد الخطر الأكبر على هذه اللغة في هذا الزمان، ألا وهي هيمنة الغرب على كل شيء عندنا، لقد كنا نحن في السابق من يهيمن، وكانت لغتنا هي الناقل للحضارة، أما اليوم فنحن نتعرّض لهيمنة سياسية وثقافية غربية شاملة ومن أخطر مظاهر هذه الهيمنة هي هيمنة اللغة الإنجليزية على ألسنتنا ومنطوقنا اللغوي اليومي العام، ولعلّنا نلحظ مظاهر هذا الخطر أكثر ما نلحظه في صفوف شبابنا وتداولاتهم اللسانية والحوارية على شبكات الإنترنت وسائر المواقع والهواتف الجوالة، فهم يستخدمون لغة يقال إنها عربية وهي ليست كذلك في شيء، إنها بالأحرى لغة لاتينية تستبدل الأرقام فيها محل الكلمات وبعض التعابير العربية تُستبدل بتعابير أجنبية خالصة تنتشر مع الأسف كالنار في الهشيم على ألسنة شبابنا وشاباتنا، ونحن اليوم بتنا نترحّم على العامية، فعلى الأقل هي تنتمي إلى العربية وذلك أمام ما يحصل من إلغاء للغتنا العربية، وإذا ما نظرنا إلى كثير من اللقاءات والندوات التي تجمع مفكرين ومثقفين عرب على شاشات التلفزة، فإنّنا نجد أن أكثر تعابيرهم تأتي مع الأسف بلغة إنجليزية، وفي هذا الإطار يظهر المثقف العربي وكأنه باختياره الإنجليزية لغة تعبير له يُظهر مدى مستوى ثقافته وتفكيره فينسى أنه عربي، باختصار نحن نمر بمرحلة عصيبة خطيرة ولا بدّ من تضافر سائر الجهود للوقوف أمام هذا التيار الجارف الذي يكاد يقضي على لغتنا التي هي في المحصّلة هويتنا العربية. وتقدّم الأمير خالد الفيصل في ختام كلمته بالشكر لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي يولي اللغة العربية والثقافة العربية كل اهتمام مسؤول ورعاية حريصة مخلصة.