تعتبر المملكة من أوائل الدول العربية التي أصبحت التقنية فيها مطلبًا رئيسًا، حيث قدرت دراسة حديثة استثمارات تقنية المعلومات في السعودية ب13 مليار دولار أمريكي في مجال البرمجيات والخبرات والبنى التحتية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات، حتى نهاية 2014. وتتجه السعودية نحو تحقيق قفزة نوعية غير مسبوقة في المجال التكنولوجي، لمواكبة التحول للحكومة الإلكترونية، ويتوقع المحللون أن يبلغ معدل إنفاق الشركات العالمية على خدمات الحوسبة السحابية خلال العام 2014 نسبة قدرها %35 من إجمالي الميزانيات المخصصة للحلول التكنولوجية. ويبدو التزام الحكومة السعودية بهذا الموضوع واضحا على مستوى العديد من المؤسسات العاملة في المملكة، الأمر الذي يعتبر تحديا جديدا لجميع المعنيين والمختصين بقطاع تكنولوجيا المعلومات. **** لكن.. المؤسف أنه مع كل هذا الاندفاع نحو التقنية أن تضع بعض الجهات كل ذلك في مجال لا يتناسب مع فكرة التقنية والتقدم العلمي ومكتسباته. فقد شكل الخبر الذي نشرته صحيفة لوبوان الفرنسية (22/11/2012) ورصدت فيه أن النساء السعوديات سيصبحنَ اعتبارًا من اللحظة خاضعاتٍ لنظام مراقبة إلكتروني أطلقته الجهات المختصة لإخطار أهالي النساء عندَ مغادرة الأخيرات للمملكة، حيث باتَ كلُّ «محرم» في السعودية يتلقى رسالة نصية قصيرة على هاتفه، عندمَا تهم المرأة الموجودة تحتَ وصايته بمغادرة الحدود متوجهةً إلى الخارج، حتَّى وإن كانت برفقته»؟! شكل هذا الخبر وقعًا سلبيًا على هذه القفزة التقنية التي اكتسبتها المملكة. **** رغم ذلك يجب ألا نستغرب كثيرًا حدوث هذا التناقض بين الرغبة في اكتساب التقنية، وتسخير أساليبها لخدمة أهداف لا تقع ضمن ما استقرت عليه الأمم من استخدام التقنية. فما زالت لجان وزارة التربية والتعليم «تعقد اجتماعاتها للتداول في دراسة وإصدار قرار يسمح بدخول فرق الإنقاذ إلى مدارس البنات من دون إذن»، وما زالت - رغم حوادث مدارس البنات المتكررة - لم تصل إلي الآلية التي تكفل أرواح الطالبات، وهو ما يعني، كما يقول الزميل قينان الغامدي «إن فرق الإنقاذ لا تستطيع الدخول إلى مدارس البنات في حال حدوث ما يستدعي ذلك إلا بإذن، مع عدم وضوح من هي الجهة التي يجب أن تأذن أو تمنع وفق ما تراه من مراعاة للخصوصية والاستقلالية المختلفة، ولست على بينة من ماهية الخصوصية التي تجب مراعاتها عندما يشب حريق = مثلا - ألا يتساوى الذكر والأنثى في الكوارث وفي عمليات الإنقاذ»؟! **** ليس هناك «حل تكنولوجي للتخلف». فالأرجح أن التخلف، وما يرافقه من ظواهر اجتماعية، هو واقع متشابك. وإن مثل هذا الفهم لواقع المرأة هو في حد ذاته معضلة تتطلب دراسة لمعالجتها في عقول القائمين على تكريسها عبر لجان ودراسات لا معنى لها سوى أن هناك عقليات لديها قدرة عجيبة على تحويل الأوهام إلى وقائع تحتاج دراسات وأنظمة. * نافذة صغيرة: (ارحمنا أيها الوطن الغالي فنحن شقائق الرجال واحفظ لنا عقديتنا من هذه التفسيرات المشوّهة. أسألكم هل نحن خارج سياق الزمن؟.. أم أننا في حلم كريه يجب أن يدفعنا أحد لنستيقظ منه؟!) د. فوزية البكر. [email protected]