عرف الكاتب الشُبيكة من أربعة عقود؛ لأنها ارتبطت بشعر ذُكِرَ فيه جَبَلُ أُحد، الجبل الذي يسكن في قلب كل مسلم ومسلمة لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أحدًا جبلٌ يحبّنا ونحبّه)، متفق عليه. لذا فإن الكاتب يتتبّع كل مكان اقترن بالسيرة، أو ما اقترن بذلك المكان أيضًا، ويعرف الكاتب الشُبيكة بمكة قبل أكثر من أربعين عامًا حيث إنها من الحارات القديمة وتذكّر (بأهل مكة وملابسهم والمقاهي الخاصة بهم، ولاسيما الشال الغاباني والقاووق المُنَشَّى وعصا المزمار الملبَّسة، والمركاز..) وذكر بعض الشعراء الشبيكة وهي غير شبيكة مكة وقرنها بجبل أحد حيث قال الشاعر الأحوص (عبدالله بن عبدالله بن عاصم المتوفى (105ه) وكان الكاتب يتعجب من ذكر الشبيكة في قوله: أَأِنْ نادى هَدِيلًا ذات فلْجٍ مَعَ الإشراقِ في فَنَنٍ حَمَامُ ظَلِلْتَ كأنَّ دمْعَكَ دُرُّ سِلْكٍ هَوَى نَسَقًا وأَسْلَمَهُ النِّظامُ تموتُ تشوُّقًا طرِبًا ولحْنًا وأنتَ جوٍ بدائِك مُسْتَهامُ وأنى من ديارِكَ أمَّ حفْصٍ سَقَى بلدًا تحلَّ به الغمامُ أحلَّ النَّعفَ من أُحدِ وأدنى مساكِنَها الشبيكة أو سنامُ ولكن تعجّب الكاتب انتهى قبل ما يقارب ثلاثة عقود حيث عرف أن الشبيكة التي قصدها الأحوص ليست شبيكة مكة التي ذكرها المؤرخ ياقوت الحموي المتوفى (626ه) في كتابه معجم البلدان. فالحارة لها ما يقارب ثمانمائة عام وقد أزيلت تلك الحارة، أمّا الشبيكة التاريخية -التي وردت في قصيدة الأحوص- فهي منزل من منازل حجاج البصرة (المدينة التي أخططها الصحابي الجليل عتبة بن غزوان -رضي الله عنه- بأمر الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-) حيث ذكرت قديمًا قبل ما يذكرها صاحب معجم البلدان بخمسمائة عام حيث ذكرها صاحب كتاب المناسك (إبراهيم بن إسحاق الحربي المتوفى 285ه)، كما ذكر الشبيكة التاريخية كثيرٌ من المؤرخين ضمن وصف طريق الحاج البصري مثل الحمداني فقد ذكرها في كتابه (صفة جزيرة العرب) والأصفهاني في كتابه (بلاد العرب)، وإذا ذكرت الشبيكة يقترن معها موقعان على طريق الحاج البصري وهما: وجرة ومران ووجرة أقرب إلى مكة ويُحرِم منها أو بالقرب منها حجاج العراق القادمين من تلك الجهات ويتشوق المحبون إلى مائها وهوائها قال بعض الشعراء: أَرْواحَ نَعْمان هَلاَّ نَسمةٌ سَحَرًا وماء وَجْرة هَلاَّ نهلةٌ بفمي وقال آخر: في الجيرة الغادين من بطن وَجْرةٍ غزال أحم المقلتين ربيب فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى ولكن من تنأَيْنَ عنه غريب إذًا فالشبيكة التاريخية كانت منزلًا من منازل حاج البصرة قال بعض المؤرخين: بينها وبين وجرة أميال، وتقع اليوم في القصيم ولازالت تعرف بالشبيكة، وقد احتوت الشبيكة كثيرًا من الآثار تدل على الحضارة التي مرت بها، منها: الآبار حيث توجد حاليًّا مجموعة من الآبار ولعل تسميتها بالشبيكة يرجع إلى كثرة الآبار بها فقد كان العرب يطلقون اسم الشبكة أو الشبيكة على الآبار المتقاربة، كما توجد بعض علامات الطريق مثلها مثل بقية القرى المحددة بطرق الحاج كطريق زبيدة الذي يمر بالقصيم أيضًا.