الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.. شرع الإسلام للمسلمين المكلفين عبادات ومعاملات، وما من عبادة أو معاملة جاءت في شرعنا الحنيف إلاّ وقد أحاطها بشروط وضوابط، يجب تحقيقها والإتيان بها، ثم قد يضيف المسلم المكلف عليها شروطًا إضافية، فينتج عن اجتماع ما ثبت بالشرع، وما ثبت بالشرط واحد من ثلاثة احتمالات: الأول أن يكون الشرط داخلاً في الشرع، كأن يوجب المسلم على نفسه أن يصلي الجمعة، أو يصوم رمضان، أو يحج حجة الإسلام، أو أن يصلي بطهارة أو يعتكف في مسجد، ففي كل هذه الحالات التي أوجبها المسلم، أو اشترطها على نفسه، فإن الشرع أوجبها واشترطها عليه، وبالتالي فإنها تلغو كلها؛ لأن الواجبات والشروط التي أوجبها الشرع مقدَّمة على ما أوجبه المسلم على نفسه. الثاني أن يكون الشرط المضاف غير داخل في ما اشترطه الشرع، ولكنه يخالفه ويتعارض معه، كأن ينذر المسلم أن يعتكف في غير مسجد، أو ينذر أن يصوم يومي العيدين، أو أن يشترط بائع الأرض على المشتري أن يبنيها مسجدًا، أو اشترط الموقف أن يصرف ريع الوقف في المعاصي، ففي كل هذه الحالات التي أوجبها المسلم على نفسه أو اشترطها على غيره، فإن الشرع حرَّمها ونهى عنها، وبالتالي فإنها تلغو كلها؛ لأن الواجبات والشروط التي أوجبها الشرع مقدَّمة على ما أوجبه المسلم على نفسه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق» رواه أحمد وابن ماجه -واللفظ له-. الثالث أن يكون الشرط المضاف غير داخل في ما اشترطه الشرع، ولا يخالفه أو يتعارض معه، كأن ينذر المسلم أن يعتكف شهرًا في المسجد الحرام، أو يصوم مائة يوم متتابعة، أو يحج هذه السنة حج تطوع -وكان قد حج فرض الإسلام-، أو يصرف ريع الوقف على الأيتام، ففي كل هذه الحالات التي اشترطها المسلم على نفسه أو غيره، فإن الشرع ندب إليها، أو أباحها، أو سكت عنها، وبالتالي فإنه يجب العمل بمقتضاها؛ ويعامل هذا الشرط معاملة الشروط الواجبة بالشرع، عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم إلاّ شرطًا حرَّم حلالاً، أو أحل حرامًا». رواه أبو داود والترمذي.