عندما تستيقظ صباحًا فترى السماء ملبدةً بالغيوم، تستبشر بالخير القادم، فنتوجه لله بالشكر، ونتبادل التهاني عند هطول المطر فنقول -أنستكم رحمة ربي- هكذا نشأنا وتربينا. كنا نلهو ونلعب في أروقة المدرسة وقت الفسحة، ويستمر اليوم الدراسي كأجمل أيام العام الدراسي، فهذا الجو يبعث في النفس الراحة، وتكثر الدعوات المستجابة، ونتمنى لو كانت كل أيام السنة ماطرة جميلة. تميّزنا من بين شعوب الأرض بحب المطر كثيرًا، ونشتاق إليه شوق الحبيب لحبيبته التي فارقها من زمن طويل؛ لأنه حبيب تغيّب عنا كثيرًا. تساءلت: ماذا حل بنا اليوم؟ تغيّرت الأمور، فنجد أن موسم الأمطار يتحوّل إلى توقف الدراسة حتى في الأماكن التي لا يستدعي ذلك الأمر، فالبيئة مهيأة لهطول الأمطار، ولا مشكلات تُذكر، فهل يعقل أن تتوقف المناهج، ويتعطل سير الدراسة، ويتخلى المعلمون والمعلمات عن مسؤولياتهم تجاه جيل بأكمله هم أمانة في أعناقهم؟! مَن المسؤول عن هذه الثقافة الجديدة والدخيلة على مجتمعنا؟! حزنتُ كثيرًا عندما أخبرني أبنائي بأنهم في هذا اليوم الجميل لم يتلقوا تعليمًا، وتم إخراجهم من مدارسهم في وقت المطر، وتألّمت بشدة عندما دخل ولدي البيت وهو مبلل الثياب قادمًا إلى المنزل ماشيًا؛ لأن المدرسة أغلقت أبوابها قبل نهاية الدوام الدراسي. ماذا أُسمِّي هذا التصرف من إدارة المدرسة، حيث سمحت لطلابها بالخروج بدون إذن ذويهم، وفي حالة المطر الشديد، وتعرضهم للخطر؟ كما آلمني مشهد آخر عندما اصطف الآباء أمام مدارس البنات، وقبل هطول المطر لإخراجهن، وبث الرعب في نفوس الصغيرات؛ حتى أصبحن يتهيبن المطر ويخشونه، وسببوا للمدرسة ومديرتها قلقًا واضطرابًا شديدين؛ بسبب الإصرار على خروج بناتهن. بالله عليكم لو استمرت الأمطار فترة زمنية طويلة، ماذا نحن فاعلون؟! هل تتوقف الحياة برأيكم؟! في ظل هذه المشاهد المؤلمة لابد أن نرى شعاع النور الذي يخرج من بين ظلمات السحب المتراكمة لتشرق من جديد على شوارع الهيئة الملكية بينبع، وقد جفت من الماء بعد مطر غزير بحسن تصريف للمياه، حتى تلك الأماكن التي تجمعت فيها المياه، رأيت المضخات تعمل على سحبها، ففرحت كثيرًا وتمنيت هذا الأمر في كل بقعة من بقاع الوطن. تحية للهيئة الملكية على جهد هو واجبها نحو الوطن والمواطن، فهي تُعدُّ قدوةً ورمزًا وطنيًّا نفخر به، نأمل أن تعمم تجربتها وخبرتها وجودة الأداء في عملها لكل قطاعاتنا، وخاصة ما يلامس مباشرة حاجات المواطن اليومية. نعمة من الله هذا المطر، نسأل الله شكرها، ليعم الخير كل جزءٍ غالٍ من بلادنا الحبيبة، فبالشكر تدوم النعم. [email protected]