العدوان الإسرائيلي المباغت المتواصل على قطاع غزة منذ أمس الأول تحت مسمى "عامود الدخان"بدءًا من اغتيال أحمد الجعبري قائد كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، ثم استخدام إسرائيل آلة قمعها العسكري برًا وبحرًا وجوًا في إلحاق الدمار في مدن القطاع وأحيائه، على نطاق واسع، هذا العدوان لم يأتِ مفاجئًا لأحد، ليس فقط بسبب التهديدات والمناورات و"البروفات" التي سبقته، وإنما أيضًا لأنه أصبح من الدارج استباحة إسرائيل للدم الفلسطيني قبل كل انتخابات جديدة، كوقود لتلك الانتخابات، وأصبح من المعروف ترجيح كفة الفائز كلما ازداد عدد الضحايا والدمار والدم الفلسطيني المستباح. اغتيال الجعبري، الذي تعتبره إسرائيل المسؤول عن خطف جلعاد شاليط عام 2006، ليس الأول، فقد سبق وأن أقدمت تل أبيب عن طريق جهاز الموساد وجيش الدفاع الإسرائيلي على اغتيال عشرات القادة الفلسطينيين على مدى العقود الخمسة الماضية، ومن كافة الفصائل الفلسطينية، كما أنه من الواضح أنها ستواصل هذا المسلسل طالما أنها لا تحاسب على تلك الجرائم. العدوان الجديد يذكر بعدوان 2008-2009 (عملية الرصاص المصبوب) التي راح ضحيتها 1200 من أهالي القطاع ثلثهم من الأطفال الأبرياء، والذي تسبب في دمار شامل لغزة التي لم يعاد إعمارها حتى الآن، وهو ما يثبت أن لا فرق بين نتنياهو وتسيبي ليفني في السباق بينهما على من يحقق رقمًا قياسيًا أكبر في قتل الفلسطينيين وسفك دماء أطفالهم، لكن يبدو من الواضح أن إسرائيل في عدوانها الجديد لم تأخذ في الاعتبار المتغيرات الجديدة التي شهدتها المنطقة، فمصر التي أعلنت منها ليفني الحرب على غزة في نهاية ديسمبر 2008 خلال حكم الرئيس مبارك ليست مصر الآن التي سارعت بسحب سفيرها من إسرائيل واستدعت السفير الإسرائيلي للتعبير عن إدانتها لهذا العدوان وضرورة وقفه فورًا. لكن بالرغم من مأساوية الموقف وصعوبته، فإن العدوان الإسرائيلي الجديد يشكل فرصة للفلسطينيين لتوحيد صفوفهم وتعبئة جهودهم في مواجهة إسرائيل، واستخدام كافة أساليب النضال والمقاومة ضدها بما في ذلك النضال السياسي من خلال الإصرار على الذهاب إلى الأممالمتحدة للحصول على الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة غير عضو. والعمل من أجل إنهاء الانقسام فورًا.