لا أعرف كيف يمكن للمرء أن يفهم التصريحات التي تواكب وقوع بعض الحوادث الكبيرة، حيث يخرج المسؤول ليصرح بأن هناك مشروعًا سوف ينفذ قريبًا لمعالجة هذه المشكلة، ويؤكد أن الدراسات لهذا المشروع قد انتهت، ويشير إلى أنها استغرقت سنوات، وهي الآن جاهزة! تُرى منذ متى وهذه الدراسات جاهزة؟ ولماذا لم تدخل حيّز التنفيذ والتطبيق قبل وقوع هذه الحادثة؟ سبحان الله.. الدراسات جاهزة، ومنتهية، وتقع المصيبة! هل نحتاج في كثير من مشروعاتنا المنتهية الدراسة لحادثة مجلجلة لكي نبدأ في تنفيذ الدراسة، ونشرع على الفور في العمل الميداني والفعلي للمشروع؟ إن تأجيل المشروعات الحيوية المهمّة لوقت طويل تصبح معه أكثر إلحاحًا أمر غير مبرر على الإطلاق، وإن حصول حوادث كبيرة ذات أضرار بالغة لتوقظ الضمائر، وتجعل المسؤولين في الجهات ذات الاختصاص يهبون سريعًا وكأنهم يفيقون للتو على هذا الموضوع الذي يكتشفون أن دراساته منتهية، هذا الأمر لا يمكن أن يكون مقنعًا لأحد في ظل ما تشهده الدولة من اهتمام من ولاة الأمر -حفظهم الله- بأمور حياتهم وأمنهم ومصالحهم، وما ترصده من مبالغ طائلة للمشروعات في الخطط المعتمدة، أو المعالجات الضرورية العاجلة، وإن الجهات التي تسعى لتعطيل أو تأخير تنفيذ مشروعات حيوية مهمة على حساب حياة الأبرياء وسلامتهم سوف تجد نفسها مكشوفة أمام تعرية من حولها لأساليب عملها الذي يفتقر للشعور بالمسؤولية، والحرص على مصلحة الوطن والمواطن، وإذا كان الناس يتعلمون في المدارس والجامعات، ويتعلمون من تراكم المعلومات والخبرات، فإن بعض الأفراد والجهات لا يتعلمون إلاّ عن طريق حدوث الكوارث، وتلك كارثة لا أظن أن أحدًا يستطيع أن يقول إن دراساتها منجزة وميزانيتها جاهزة، وأنها بانتظار التنفيذ فقط.