(1) من أخبث الأسئلة التي من الممكن أن يواجهها المواطن العربي -والخليجي تحديدًا هو: أيُّهما تُفضّل: "تنمية" الإمارات.. أم "ديمقراطية" الكويت؟! هو سؤال يشبه تلك الأسئلة التي تأتي وإجابتها جاهزة في بطنها.. يجعلك تنظر للثانية بريبة وحذر خوفًا منها على الأولى ومنجزاتها! ومكمن خبثه الأكبر أنه يُوحي لك أن اجتماعهما: مستحيل! (2) سيقول لك عقلك: ما قيمة الرغيف الذي لا تصله يدي بحرية؟ سيقول لك بطنك: وماذا أفعل بالحرية وأنا جائع؟ سيقول لك قلبك -وقلب المؤمن دليله-: أريدهما معًا! (3) التنمية!... ما التنمية؟! سيقول لك بعض المشاكسين: التنمية هي مفردة مشتقة من "التنويم"!.. ولكنني أظنها كلمة أصلها "النمو". ولكن، ما فائدة أن تنمو الأشياء حولك، ولا ينمو وعيك بها، وقدرتك على فهمها، وحريتك في رفضها وقبولها؟ ما فائدة الشارع الرائع / الواسع / النظيف / الحديث.. وأنت لا تمارس فيه حرية الحديث؟ في القفص طائر صغير تمنحه الماء، والحَب، والحُب أيضًا.. مهما فعلت له، كل هذا لا يساوي شيئًا مقابل لحظة يطير فيها بحرية. القفص، حتى وإن كان من ذهب، يظل قفصًا.. والسجن: سجن.. حتى وإن منحه أحدهم مرتبة خمسة نجوم فندقيّة! (4) هل التنمية لا تأتي إلاّ برفقة العبودية؟! إذن: من شروط الديمقراطية أن يرافقها الخراب!! العقل الذي يؤمن بهذا -في حالة مخالفتك له- سيتهمك بأنك مُعطل للتنمية. (5) سيُذكّرك أحدهم ب"تنمية" الصين المتفوقة على "ديمقراطية" الهند.. سيُحدثك عن الديمقراطية المشوّهة في لبنان (كنموذج عربي مُحبط). قل له: الخلل ليس في فكرة الحرية ولا في فكرة الديمقراطية.. الخلل في بعض ما يُمارس باسمها، وأجمل ما فيها أنها تكتشف أخطاءها وتعالج نفسها بنفسها. (6) المصيبة الكبرى هي إذا سألت ذلك المواطن العربي : أيُّهما تُفضّل.. "تنمية" الإمارات ، أم "ديمقراطية" الكويت؟! وأجابك بغضب: وهل أملك أيًّا منهما؟! [email protected]