شكلت زيارة رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون للمملكة أمس الأول أهمية كبيرة نظرًا لخصوصية تلك العلاقات السعودية - البريطانية وتميزها منذ اللقاء التاريخي الذي عقد بين جلالة الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- وبين رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في فندق الأوبرج في الفيوم في فبراير 1945، وحيث ظل الملك عبدالعزيز يحرص على توطيد علاقات بلاده مع لندن نظرًا للأهمية التي كانت تلعبها على المستوى العالمي في تلك الحقبة. وبالرغم من أن تلك العلاقات واجهت خلال مسيرتها الطويلة موجات من المد والجزر، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط الشائكة فإن قادة البلدين أثبتا دومًا القدرة على تجاوز كافة تلك العقبات بطريقة مرضية تخدم المصالح المشتركة لهما، وحيث ظلت تشهد المزيد من التطوير والتعاون على مر السنين في كافة المجالات شاملاً ذلك المجالات الاقتصادية والتعاون الأمني والتبادل الثقافي والمعرفي. وينبغي الملاحظة أن أجواء التفاهم والتقارب في وجهات النظر بين الرياضولندن في العديد من القضايا والمشكلات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها قضايا الشرق الأوسط ظلت تشكل السمة البارزة في تلك العلاقات التي ظلت تزداد رسوخًا وصلابة رغم ما تبذله بعض الجهات المغرضة بين الحين والاخر من محاولات يائسة للإساءة إليها، وحيث جاءت زيارة كاميرون التي تعتبر الثانية له في العام الحالي دليل واضح على أن تلك العلاقات تسير في وجهتها الصحيحة لا سيما من خلال تعزيز برامج التبادل الثقافي والابتعاث والاستثمار المشترك في التعليم والتدريب المهني والتأهيل الفني إضافة إلى المشروعات الثقافية التي تتبناها المملكة في بريطانيا بهدف تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين. يمكن القول في المحصلة أن أجواء التفاهم والتلاقي في وجهات النظر التي سادت القمة السعودية -البريطانية خاصة بالنسبة للأزمة السورية والقضية الفلسطينية، والحفاوة البالغة التي استقبل بها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز وكبار المسؤولين السعوديين ضيفه البريطاني والوفد المرافق له، وتقليده وشاح الملك عبدالعزيز من الطبقة الأولى، وبحثهما في آفاق التعاون بين البلدين الصديقين وسبل دعمها وتعزيزها في كافة المجالات، يقدم الدليل الأكبر على أن العلاقات السعودية - البريطانية تسير قدمًا نحو تحقيق المزيد من التعاون والتطوير بما يخدم مصلحة البلدين الصديقين وشعبيهما.