تحرص أعداد كبيرة من الحجاج على عدم مغادرة مكةالمكرمة بعد أداء المناسك وحتى اثناء أدائها إلا بعد الصعود على جبل النور والذي يضم في أعلاه غار حراء المكان الذي كان يتحنث فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل بعثته ونزول الوحي عليه. «المدينة» رصدت بعض المشاهدات والممارسات الخاطئة لبعض الحجاج خلال رحلة الصعود إلى ذلك الجبل، ويتضح أنه رغم أن الصعود إلى جبل النور ليس من مناسك الحج وليس بالأمر السهل نتيجة صعوبة طرقه إضافة إلى ارتفاعه الكبير إلا أن الكثير من أولئك الحجاج يحرصون كل الحرص على زيارة الجبل ومشاهدة الغار الذي سطع منه نور الإسلام الذي أخرج الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام. وأثناء عزمك للصعود إلى قمة الجبل والذي لا يعدّ بالأمر اليسير خاصة لكبار السن والنساء إلا أن أبرز ما يلفت انتباهك هو كثرة هذه الفئة وهم يحاولون جاهدين للصعود والوصول إلى قمة الجبل وإلقاء نظرة على الغار الذي احتضن النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزول جبريل عليه السلام بالوحي عليه أثناء وجوده صلى الله عليه وسلم في الغار. وتنشط الحركة التجارية بشكل لافت ابتداء من أسفل الجبل نظرًا لتدفق أعداد كبيرة من الحجاج وحرصهم على شراء بعض الهدايا والكتب الدينية والأدعية إلى جانب المشروبات الباردة والساخنة وبعض الاغذية انتهاء بالمحلات الموجودة على قمة الجبل والتي تم تشييدها من الأخشاب والزنك وبعض من الأقمشة حيث تقوم مجموعة من العمالة الوافدة من مخالفي أنظمة الإقامة والعمل من الباكستانيين والهنود والبنغالة بإدارة تلك المحلات وترويج بضاعتهم على الحجاج الزائرين للجبل حيث تصل الأرباح التي قد يجنيها الواحد منهم أكثر من 1000 ريال يوميًا. بداية الصعود للجبل هو عبارة عن طريق أسفلتي تم رصفه كتلة واحدة يستطيع المشاة السير عليها وعند أسفل الجبل مباشرة يوجد مركز لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توزع فيه أشرطة ومنشورات تعريفية إلى جانب شاشات تلفزيونية تعرض أفلامًا تسجيلية عن الجبل. في بداية اللقاء تحدث الحاج أحمد السيد محمد وهو في طريقه للصعود إلى قمة الجبل: «جئت من مصروحرصت على زيارة جبل النور لأن القرآن نزل فيه وأردت الزيارة فقط بمرافقة عائلتي ونعتزم الدخول إلى غار حراء لنرى ونشاهد المكان الذي تحنث فيه النبي قبل بعثته لنرى كل شيء.. إنه شعور حقيقة لا يمكن وصفه بالكلمات». وأشار الحاج حمود منذر من اليمن بأنه جاء إلى جبل النور الذي يوجد به غار حراء من أجل رؤية الغار حيث كان يتحنث النبي محمد ونزل الوحي عليه مضيفًا بأنه يتطلع شوقًا للصعود لهذا المكان حيث كان النبي محمد يصعد قبل أن ترصف الطرقات وبلا مواصلات ونحن نستصعب الصعود والطرق مجهزة ومرصوفة وزيارتنا لهذا المكان من أجل تعزيز قيم ومفاهيم وتراث وآثار ديننا الإسلامي ونقله إلى أبنائنا في بلداننا». ومن المشاهدات التي قد تكرر أمام ناظريك وأنت تسير صعودًا أو نزولًا من الجبل مجموعة من الحجاج الصاعدين أو النازلين وهم مفترشون على امتداد الطريق لأخذ قسطٍ من الراحة خاصة الكبار والنساء حيث يحاول كل منهم التقاط أنفاسه بعد تكبدهم عناء الصعود أو النزول من جبل النور وإذا ما حاولت ان تبيّن بأن زيارة المكان ليس بتلك الأهمية التي يجعل بعض كبار السن والنساء الذين تبدو عليهم عناء ومشقة الصعود إلى قمة الجبل والمخاطرة بصحتهم وحياتهم يأتيك الجواب سريعًا ودون تردد بأنهم يرون بأنه يجب عليهم زيارة جبل النور والتعرف على مكان أثري من آثار الإسلام. وأثناء صعودك لقمة الجبل يلفت انتباهك عبارات وكلمات بمختلف اللغات نقشت على الصخور والحجارة وكلما تقدمت إلى الأعلى زادت تلك النقوش والكتابة التي حملت العديد من العبارات التي حاولنا قراءتها وترجمتها لكن الأمر كان صعبًا ومعقدًا أكثر مما كنا نعتقد حيث شاهدنا أحد الحجاج يقوم بالنقش على الصخر وعندما اقتربنا منه وسؤاله عما يقوم به أخبرنا بأن اسمه محمد طاجيك من دولة تركيا وأنه يقوم بنقش لفظ الجلالة وتاريخ زيارته للغار ليكون شاهدًا على مرّ العصور إضافة إلى بركة المكان والزمان جعلاه يتحمّس لنقش تذكاره في مكان ذي بركة في أقدس بقعة على الكرة الأرضية هي مكةالمكرمة. وقال حاج من جنوب شرق آسيا كان مع مجموعة حجاج: «إنه يتبرك بالصخور لأنها من أحجار الجنة، وعندما وصلنا إلى قمة الجبل واقتربنا من فوهة الغار رصدنا العديد من المشاعر الحية التي اختلفت بين الحجاج منهم من يهلل ويكبر وآخرون يبكون من فرحتهم للوقوف في المكان الذي كان يتحنث فيه النبي صلى الله عليه وسلم وآخرون فضلوا الاطلالة على مكة من المكان الذي تم تجهيزه والذي يمكننا من خلاله مشاهدة مكة من أعلاها في منظر خلاب يسرق ناظري كل من وقعت عينه عليها وثمة حجاج احتضنوا الحجارة والصخور الموجود حول الغار اعتقادًا منهم ببركتها وجلب الخير لهم وفي نهاية رحلة مليئة بالأحداث ثمة حقيقة واحدة حاول الحجاج إيصالها بضرورة تسهيل وإيجاد البدائل الحديثة التي تسهم في تصعيد وتنزيل الحجاج من وإلى قمة جبل النور.