في كل عام في العاشر من اكتوبر تضع منظمة الصحة العالمية شعارا يهدف إلى التوعية بالصحة النفسية ومجالاتها المختلفة . ولقد اختارت شعارا لهذا العام ليكون عن الإكتئاب « أزمة عالمية « . سأحاول هنا أن أسلط الضوء للتعرف عن قرب على هذا المرض الصامت ( الإكتئاب ) وهو أحد اضطرابات المزاج والتي تظهر على شكل نوبات من انخفاض المزاج وفقدان الرغبة والمتعة مع انخفاض في النشاط , واضطراب في النوم وشهية الأكل . يصاحب ذلك قلة التركيز والإنتباه وشعور بالذنب , وقد يصاحبه في أحيان عديدة أعراض القلق . وتزداد أعراض الإكتئاب سوءا عندما تصل بالشخص لمرحلة عدم الرغبة في الحياة وتمني الموت وربما التفكير بالانتحار . وتستمر هذه الأعراض لفترة تتراوح من الأسبوعين وقد تمتد لعدة أشهر أو سنوات وتؤدي الى التأثيرات السلبية على حياة الإنسان من إهماله لنفسه وأسرته ووظيفته وعلاقاته الإجتماعية . ماهي أسباب الإصابة بهذا الإضطراب ؟ 1- أسباب وراثية : أشارت الدراسات إلى أن هناك عوامل جينية مرتبطة بالاكتئاب وتساعد على ظهوره في الأبناء إذا كانت البيئة المحيطة بهم تساعد على ذلك . 2- أسباب عضوية : كاضطراب كيميائي يحدث بسبب انخفاض نسبة بعض النواقل العصبية في بعض مراكز الدماغ وزيادة نشاط الغدة الكظرية «فوق الكلوية وانخفاض نشاط الغدة الدرقية وخلل في بعض الهرمونات ، كما يحصل في اكتئاب ما بعد الولادة حسب بعض النظريات وتعاطي المخدرات. 3- أسباب اجتماعية : و أحداث مأساوية كالاعتداء الجسدي أو الاغتصاب أو وفاة قريب ومشاكل الأبوين أمام الأبناء و الطلاق الفاشل وغيرها من الضغوط الاجتماعية أو الأسرية أو الاقتصادية 4- أسباب نفسية : -عدم الرضا وتضخيم الأمور أكثر مما تستحق و النظرة التشاؤمية للأحداث والتفكير السلبي في الماضي والحاضر والمستقبل. إن الإكتئاب ليس نوعا واحدا بل عدة أنواع ولكل نوع عدة درجات من الشدة فمنه البسيط والمتوسط والشديد , ومن أنواع الإكتئاب مايسمى بالإكتئاب أحادي القطب , الإكتئاب ثنائي القطب , الإكتئاب الموسمي , عسر المزاج , اكتئاب مابعد الولادة , الإكتئاب المصاحب للأمراض العضوية , وإن تعدد هذه الأنواع يشير إلى أن هذا الإضطراب واسع الإنتشار . ان هذا الإضطراب من الإضطرابات التي يمكن علاجها والشفاء منها وذلك يعتمد على عدة عوامل مثل سرعة اكتشاف المرض , وسرعة العلاج , وجود عوامل مرضية أخرى , ووجود عوامل أسرية واجتماعية . ولذلك لابد من تكامل العملية العلاجية حتى تعطي النتائج المطلوبة , حيث أن هناك عدة أنواع من العلاجات التي يمكن استخدامها مع مختلف الحالات , ومن هذه العلاجات ( العلاج الدوائي مثل مضادات الإكتئاب , العلاج السلوكي والمعرفي , العلاج الفردي , العلاج التدعيمي , العلاج المعتمد على حل المشكلات , العلاج بالجلسات الكهربية ) . د.عبدالهادي عتيق الهباد -أخصائي الطب النفسي