فجائع هذا الشهر الفضيل كبيرة و موجعة ، تتوالى حاصدة الأرواح الغالية قبل أن نلتقط الشهيق بين الكارثة و الأخرى ، قتلى الطرق العائدون من الحج ، ثم كارثة بقيق ، ثم كارثة شرقي الرياض ، نسأل الله جل و علا أن يتغمد برحمته و غفرانه مفقودينا و أن يجبر مصاب أهليهم و أن يعجل بشفاء المصابين و يجزل لهم المثوبة و أن يجعلها خاتمة الأحزان . و تبقى دوما أبواب النقد و تحويل عاطفة الحزن إلى نزعة السخط و النقد بعد كل حدث ، و يكثر التخرص و توقع الأسباب التي كانت وراء الكارثة ، و يبدأ تأمل نواقص الأمن و السلامة ، ثم تنتهي أيام العزاء و تعود الحياة و تعود غفلتنا عن تلك الأسباب من جديد لحين كارثة أخرى . حادثة بقيق ليست الأولى و إن كانت الأضخم في عدد الضحايا ، لكن ضحايا حمل الأسلحة و إطلاق الأعيرة النارية في الأفراح و الأماكن العامة أمر منتشر يحتاج لعقوبات صارمة و مصادرة للأسلحة ، كذلك من يترك الأسلحة في متناول الأطفال جريمة و قد شهدنا في الآونة الأخيرة حوادث قتل الأطفال لأنفسهم أو لبعضهم بأسلحة ذويهم ، و لم نسمع عن اتخاذ عقوبة رادعة لمن عرض الأطفال للموت و ترك الأسلحة القاتلة بين أيديهم . و جاءت كارثة الرياض لتسلط الضوء على مشكلات شاحنات الموت التي تتجول داخل المدينة وهي لم تعد تطيق نفسها لشدة الزحام ، و هذا أمر يحتاج لمراجعة و لأنظمة مرورية تبعد خطر الشاحنات و تعزل مساراتها تماما عن المناطق السكانية و الطرق الحيوية ، فساهر يقيد المخالفات و يغرم المتجاوزين لكنه لا يمنع الكوارث مالم تعد شبكة الطرق لتخفيف الزحام و عزل خطر الشاحنات نهائيا عن الناس و عدم الاكتفاء بتحديد ساعات لدخول الشاحنات ، و لنتخيل لو أن الحادثة حصلت في غير يوم الإجازة و في وقت الذروة و الطريق مكتظة بالطلاب و الموظفين ! و يتردد أيضا بعد الخسائر الفادحة للكوارث الحديث عن التعويضات ، و غالبا تتجه الإشارة للحكومة ، في حين ينبغي أن يتكبد الغرامة المتسبب في الكارثة ، فحادثة الرياض ينبغي تحميلها لشركة الغاز الناقلة و المسؤولة عن الشاحنة و سائقها . لا يسعنا ببالغ الحزن على ضحايا تلك الكوارث و بكبير الرضا و التسليم بقضاء الله و قدره و حمده على لطفه إلا أن نشاطر ذوي المتوفين أحزانهم و نقدم لهم أحر التعازي و صادق الدعوات . [email protected]