في مشهد رباني مفعم بالروح الإيمانية اكتسى جبل الرحمة بالبياض من حجاج بيت الله الحرام على اختلاف لغاتهم ولهجاتهم وأشكالهم وحضاراتهم، إلاّ أنهم اجتمعوا على جبل الرحمة. واللافت أن الكثير من الحجاج لم يعودوا يطبقون القاعدة الشرعية: الحج لمن استطاع إليه سبيلا. فقد تبيّن لبعثة "المدينة" أن الغالبية باتت تلجأ إلى القروض، والديون، وحتى مهر البنات من أجل الحج!! يقول سعيد الهيزاك "يمني" 47 عامًا: إنه اقترض من أحد أصدقائه حتى يتمكن من الحج معربًا عن سعادته البالغة بالوقوف على جبل الرحمة. ويقول شهيران خيري هو وزوجته هاجر: وفرتُ من مرتبي لمدة ثلاث سنوات حتى أتمكّن من الحج أنا وزوجتي ب 25 ألف ريال.. وأضاف: إنه لم يركب مع الحملة من منى، بل قرر المشي حتى عرفة والصعود على جبل الرحمة. يقول سعيد صنهات العتيبي: إن ابنه الكبير الذي توظّف هذا العام في إحدى الدوائر الحكومية أخذ قرضًا من البنك وتكفّل بحجّه، مشيرًا إلى أنه حجّ قبل 9 سنوات. ويرى في موقف الحجاج يوم عرفة أوجه شبه عديدة مع القيامة، مشيرًا إلى أن هذا اليوم يشهد تقارب المسلمين من كافة بقاع المعمورة. أمّا حمدان البركاتي 60 عامًا فيقول: إنه يحجّ عن والدته التي توفيت قبل 17 سنة حتى يرد ولو جزءًا بسيطًا من دينها عليه. ويقول يوسف الكريت من الكويت 47 عامًا إن ابنته التي تزوجت هذا العام قررت أن تعطيني جزءًا من مهرها لأحج به، وأشكر الله أن يسّر لي، وتمكنت من الحج إلى بيت الله الحرام. ذكريات على جبل الرحمة وعلى جبل الرحمة رصدت "المدينة" حاجّة جنوب إفريقية 71 عامًا وهي ممسكة بقلم وتكتب ذكرياتها، وقد كتبت اسمها كريمة محمد كريجة، جمعت لمدة سبع سنوات ما يعطيه لها أولادها الثلاثة من رواتبهم مصروفًا لها، وبيّنت أن هذه أول حجّة لها. ولم تشعر بالسعادة إلاّ عندما حطّت الطائرة بالمدينةالمنورة.