سيطرارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام على أحاديث المجالس في منطقة الرياض في الوقت الذي فضل فيه الكثير من المواطنين التبرع بدلًا من شراء الأضحية من سوق الأغنام الذي توشح فيه مؤشر الأسعار باللون «الأخضر» قبيل ساعات من عيد الأضحى المبارك. وعلى خلاف التوقعات في موسم العيد من كل عام، وما تشهده من ارتفاعات، إلا أن المستثمرين والعاملين في قطاع المواشي أبدوا تخوفهم هذا العام من عدم موافقة إقبال المواطنين على شراء الأضاحي، لما استعدوا له من جلب كميات كبيرة من الأغنام، خاصة وأنها بأسعار مرتفعة، وتكاليف عالية، تحسبًا للإقبال المتوقع مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، وأرجعوا ذلك إلى عزوف بعض المواطنين والمقيمين عن ذبح الأضحية إما لعدم المقدرة على الشراء في ظل هذه الأسعار، وخاصة صدور فتاوى من جهات الاختصاص تعفي غير المقتدر من ذبح الأضحية أو التوجه إلى الجمعيات المختصة التي باتت تتكفل بذبح أضاحي المواطنين والمقيمين نيابة عنهم وتوزيعها في بلاد فقيرة بأسعار زهيدة مقارنة بالأسعار المحلية. إضافة إلى وصول شحنات كبيرة من الأغنام من أستراليا والقرن الإفريقي، ويظهر ذلك قيام بعض تجار بيع الأغنام بالخروج ببضائعهم عبر سيارات جائلة من مقر سوق الأغنام لعرضها على الطريق العام أمام المارة لاستقطاب أكبر قدر من الزبائن، وبالتالي تصريف بضائعهم في أسرع وقت. ولاحظت»المدينة» خلال جولة اختلاف أسعار الاضاحي بين 500 إلى 2800 باختلاف النوع والحجم، حيث وصل سعر النجدي ما بين 1800 إلى 2800 والنعيميمن 1500 إلى 2300 والحري بين 1400 إلى 2100 والسواكني بين 900 إلى 1300 ثم البربري الذي يباع من 500 إلى 800. وعبر مواطنون ل»المدينة» عن استيائهم من ارتفاع الأسعار خاصة في أيام عيد الأضحى المبارك. وقال عبدالعزيز الموسى: «إن الأسعار مرتفعة نسبة بسيطة حتى الآن في هذا العام حيث اشتريت أضحيتي ب 1600 ريال وهي مقاربة لأسعارها في العام الماضي، وقد ترتفع أكثر خلال الأيام المقبلة لقرب موعد عيد الأضحى المبارك». وعبر المواطن أحمد النبهان عن امتعاضه من غياب الرقابة على الأسعار، وطالب وزارة التجارة بالتدخل وضبط أسعار المواشي في هذه الفترة بالذات، كما طالب الجهات المختصة بمنع العمالة الوافدة من البيع في السوق ومراقبته بشكل جيد، مضيفًا رغم عزوف الكثير عن شراء الاضاحي من الاسواق المحلية واستبدالها بالكوبونات الدولية إلا أن تجار الأغنام لا يزالون يتمسكون بأسعار فلكية لبضائعهم. ومن جهته أوضح المواطن خالد حمود أنه اشترى قبل يومين أضحية من أحد العمالة في السوق، ثم اكتشف أنها مريضة، وعندما عاد إلى السوق لم يجد العامل الذي باعها له، مؤكدًا أن العامل كان معه أكثر من عشر أضاحي قد تكون جميعها مريضة، وطالب بوجود طبيب بيطري في أسواق الأمانة ومنع البيع العشوائي على جنبات الطرق. كوبونات الأضحية وذكر سلطان العطوي أحد المستهلكين أن هذا الارتفاع الغير عادي قد يجعل المستهلك يتراجع عن شراء الأضحية، والتوجه إلى الجمعيات المختصة بالتبرع بالأضاحي إلى خارج البلاد لانخفاض أسعارها في تلك البلدان، مستغربًا الارتفاع في ظل وفرة السوق من الأغنام ووفرة أنواعها، موكدًا أن موسم الأضاحي يشهد زيادة مفتعلة في أسعار الأضاحي عامًا بعد آخر من قبل التجار. وقال: «إنا على قناعة من أن ما يحدث في سوق الأغنام يحدث على حساب المواطن، وأنه صورة من صور الاستغلال، ومن ضمن هذا هو استغلال تاجر الماشية للمستهلك، داعيًا الجهات المسؤولة إلى تكثيف الرقابة وتحديد آليتها لمحاربة الغلاء المفتعل من قبل التجار، والتي ترهق ميزانية الأسرة». ويتساءل المواطن محمد المطيري، لماذا لاتوجد حلول لارتفاع أسعار المواشي والتي تتكرر سنويًا؟ ولماذا لا يتم تطبيق بيع الأضاحي بالوزن؟ وبالتالي تستطيع الجهات الرقابية الحد من التلاعب في الأسعار، ولماذا لا تنشئ مراكز للمواشي ذات بيئة طبيعية وصحية تستوعب الانتاج المحلي والمستورد وتقديم خدمة تليق بالمواطن؟ حيث ما إن تدخل السوق تجد الباعة يتهافتون عليك من كل جهة ليعرضوا عليك ما هو موجود لديهم من الأغنام وتشاهد العشوائية في السوق وفوضى في التنظيم، مرجعًا ذلك إلى ضعف الرقابة على السوق، مبينًا أن أغلبية المساحات الموجودة في السوق لا ترقى إلى المستوى المطلوب، والتي قد لا تخلو من الأوبئة والأمراض وما تجلبه تلك المواشي، وذلك لعدم توفر الاشتراطات الصحية. وأضاف المطيري: «إن هناك أيضًا مشكلة معضلة وهي مشكلة الكشف على الأضحية لا يتم إلا بعد ذبحها وإذا تبيّن بها مرض يتم استبعادها لعدم صلاحيتها وبهذا تكون قد فقدت الأضحية وقيمتها»، متسائلًا لماذا لا يتم الكشف والتأكد من سلامة الأضحية داخل سوق الأغنام قبل شرائها من قبل المستهلك؟، أي لا يدخل البائع السوق إلا بعد الكشف على الأغنام التي جلبها إلى السوق لبيعها. شركة متخصصة وطالب عبدالعزيز اليوسف في هذا الصدد بإنشاء شركات متخصصة تقوم بتربية الأغنام وبيعها بنظام التقسيط للمستهلكين لذبحها كأضاحي في العيد على غرار العديد من الدول الإسلامية أوأن تقوم شركة حكومية بتأمين أسعار الأضاحي للمواطنين وتستقطعها من رواتبهم على مدار العام، وذلك في ظل هذا الارتفاع في أسعارها ووصولها إلى أسعار ضخمة قد لا يستطع تأمينها الكثير من المواطنين، مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر الأضحية بات حديث المجالس، من باب الشكوى من غلاء الأسعار، أو تبادل النكات والفكاهات، والتي باتت ظاهرة تتناقلها وسائل الاتصال وبرامج التواصل الحديثة مثل (الواتس أب والبلاك بيري والبرامج الأخرى...) مع قرب عيد الأضحى المبارك. وأشار اليوسف إلى أن أسعار الحري تخطت حاجز 2100 ريال، بينما يصل سعر النجدي إلى 2800 ريال، فيما تصل أسعار الأبقار 6000 ريال، والإبل 7000 ريال، وأبدى تخوفه من زيادة الأسعار خاصة خلال أيام التشريق من عيد الأضحى المبارك. شراء مبكر وذكر محمد العصيمي: «إنه يحرص على شراء الأضاحي في الأشهر التي تسبق شهر رمضان لمعرفته بارتفاع أسعارها قبل العيد بنسب عالية»، مبينًا أن لديه معرفة بأنواع الأغنام والسعر المناسب لها، وأيضًا معرفته إن كانت مريضة أم سليمة، مضيفًا أن العديد من تجار الأغنام أوالباعة الجائلين يبيعون أغنامًا مريضة وهزيلة ويستغلون جهل الكثير من الزبائن بأنواع الأغنام وأسعارها، مطالبًا الجهات المسؤولة بفرض رقابة صارمة وعقوبات قاسية على البائعين وحماية المستهلكين من الغش والخداع ومصادرة المواشي المريضة ومنع من يتلاعب بصحة المواطن. الأسعار مرتفعة عالميًا من جهته، قال مصدر في وزارة الزراعة ل"المدينة": «إن الأسعار مرتفعة على المستوى العالمي وليس المحلي فقط»، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع أسعار الأعلاف عالميًا، وإضافة تكاليف التربية إلى سعر الأعلاف، ومن ثم تباع إلى المستهلك بأسعار مرتفعة. وأثناء تجول «المدينة» داخل سوق الأغنام لاحظت وجود الأمانة والتي يبدو أن عملها اقتصر على تنظيم دخول وخروج السيارات في السوق. وأوضح تاجر المواشي مشبب العتيبي، أن تخوف المستهلكين من المواشي المستوردة الموبوءة والأوضاع التي تعيشها دولة سورية وعدم الاستيراد منها، مما تسببت في زيادة الطلب على المحلي وارتفاع أسعارها إلى ما يقارب 2500 ريال، إلا أنه توقع أن تشهد هذه الأسعار انخفاضًا خلال الفترة القليلة المقبلة بعد عيد الاضحى. وتحدث جبار الشيباني أحد بائعي الأغنام أن الأسعار ما زالت في متناول المستهلك حيث تتراوح ما بين 1500 إلى 2000 وقد تصل إلى ارتفاع أكثر من ذلك في حلول عيد الأضحى المبارك، مشيرًا إلى أن أكثر الأنواع استهلاكًا هو النجدي ثم النعيمي. وأضاف الشيباني: «إنه لا توجد زيارات من قبل صحة البيئة بالأمانة أو وزارة الزراعة للكشف على الأضاحي والتأكد من سلامة الأضحية وخلوها من الأمراض، وإنما نبيع الأضاحي بمعرفتنا واجتهادًا منّا، ولكن هناك باعة من الجنسيات الأجنبية البعض منهم على كفالة والبعض الآخر عمالة مخالفة لنظام الإقامة ويمارسون التجارة في المواشي ويبيعون الأغنام المريضة بأسعار أقل. وفي ذات السياق استغرب منصور الحربي أحد الباعة من وجود العمالة الوافدة المنتشرة في السوق والتلاعب الواضح منهم والزيادة الجنونية في الأسعار، حيث تجدهم يسيطرون على السوق وبشكل عشوائي ووسط غياب الرقابة، مشيرًا إلى أن التلاعب وصل إلى الغش في بيع أنواع من الأغنام المستوردة، على أنها من الأنواع المحلية، وذكر أن هناك غشًا تجاريًا واضحًا واستغلال بعض المواطنين الذين قد يفتقدون إلى الوعي في الاستهلاك أوالذين لا يستطيعون التمييز بين الخروف العربي والآخر المستورد، وكل ذلك في ظل وجود مراقبين من الأمانة الذين خصصوا عملهم فقط في تنظيم دخول سيارات الباعة وسيارات المواطنين بعد شراء أضحيته لنقلها بسيارته. تغطية السوق من جانبه قال فواز العصيمي تاجر ومستورد مواش: «قام بعض تجار المواشي منذ فترة بالتعاقد مع نظرائهم في أستراليا والدول الإفريقية لاستيراد أكثر من مليون رأس من الأغنام لتغطية حاجة السوق المحلية خلال عيد الأضحى المبارك، بالإضافة إلى الكميات الأخرى التي تم استيرادها لمشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي». وتابع القول: «قبل أيام وصلت أول شحنة من المواشي الحية القادمة من أستراليا وبلغت 75 ألف رأس من الغنم، و6 آلاف من الأبقار، وذلك بعد انقطاع دام لمدة سنتين، ومن المقرر أن تصل شحنة مماثلة خلال الأيام القادمة، وهو الأمر الذي سيعمل على تهدئة الحركة النشطة للسوق السعودية». فريق إشرافي على فترتين نفت أمانة منطقة الرياض فيما تردد على لسان الباعة على اقتصار عمل الأمانة فقط على تنظيم دخول وخروج السيارات في السوق، والتي جاء ردها على لسان مدير عام الأسواق والراحة والسلامة بأمانة منطقة الرياض المهندس ناصر إبراهيم البدر، الذي قال: «إن هناك وجود من فريق إشرافي من الأمانة على فترتين خلال اليوم وتوجد فرق مشاركة مصاحبة من قوة المهمات بشرطة منطقة الرياض، والإدارة العامة للمجاهدين، والإدارة العامة للمرور، والدوريات الأمنية وكل جهة لها اختصاصها، ومن مهام الأمانة الإشراف على حظائر الأغنام وعدم خروجها ومتابعة عددها ومتابعة عدم وجود الغش واستقبال الشكاوي. كما أتت إجابة البدر على سؤالنا عن اللوحة التنبيهية المثبتة داخل السوق للتنبيه على انحصار البيع للسعوديين فقط، على أنه لدينا فريق مساند ومتعاون مع الجهات الأمنية تجاه المخالفين. وأوضح المهندس البدر بأن الأمانة حددت في هذا العام 12 نقطة بيع في مدينة الرياض، وروعي في اختيارها على أن تكون في مناطق تخدم سكان المدينة، حيث وزعت بشكل جغرافي مناسب، للتخفيف من الزحام على الأسواق الرئيسة.