كنت وإلى وقت قريب أعتقد أن الحمار .. هو حيوان مثله مثل غيره من العديد من الحيوانات الأخرى التي خلقها الله مع بقية البهائم أوجدها الله لغرض معين أوضحه القرآن الكريم في قوله تعالي: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ) [النحل:8]. غير أنني اكتشفت أخيراً أنه ليس كل حمار ... هو حمار؟! فهناك حمير من نوع آخر غير كل الحمير التي نعرفها واستخدمناها في زمن ما كما سخرها الله لنا للركوب أيام كان الحمار هو إحدى وسائل النقل الهامة. اكتشفت أخيراً أن هناك ما يُعرف بالحمير التوراتية بذلت السلطات الإسرائيلية الغالي والرخيص لجلبها من موطنها الحالي في أثيوبيا إلى موطنها الأصلي في أرض الميعاد. هذه الحمير مخططة القدمين ورد ذكرها في التوراة والإنجيل، كما تقول صحيفة جورسليم بوست، كانت قد انقرضت من ارض الميعاد، ونجحت الجهود الإسرائيلية في إعادتها سالمة معافاة يوم 12/9/1972 إلى حديقة الحيوان التوراتية التي تحتوى على مجموعات من الحيوانات البرية المنقرضة، وتلك التي ذكرت في التوراة. وقد كلفت صفقة نقل الحمير تسعين ألف دولار نقدا طلبتها الحكومة الإثيوبية مقابل التخلي عن حميرها المخططة! وتمكنت طائرة نقل من نوع هيركوليس من نقل اثني عشر حماراً مخططاً إلى حديقة الحيوان التوراتية، تعيش اليوم في سعادة وهناء، مع نظيراتها الحمير الآسيوية، والآرام والظباء العربية في أرض الميعاد، لكنها بالطبع تحظى بميزات خاصة لكونها حميراً "توراتية" تختلف عن غيرها من الحمير والحيوانات الأخرى؟! لقد ذكرتني قصة هذه الحمير بقصة (مزرعة الحيوانات) المشهورة للكاتب جورج أوريل، التي تدور أحداثها في مزرعة إنجليزية عندما تثور الحيوانات ضد قسوة صاحب المزرعة ورجاله متأثرة بأفكار خنزيرٍ عجوزٍ حلم بحيوانات متحرّرة من تسلّط و استغلال الإنسان لها قبل أن يموت, وتنجح الحيوانات في طرد البشر من المزرعة وإقامة نظام حيواني خالص، وتولت القيادة فيه الخنازير نظرا لأن محرك الثورة كان هو الخنزير العجوز صاحب الأفكار التحررية الحيوانية. وسارت الأمور بشكل ممتاز برهةً من الزمن ورفعت الحيوانات شعار العدالة والمساواة بينها، إلى أن نشب خلاف بين أبرز خنزيرين في المزرعة انتهى بطرد أحدهما واعتباره خائناً للقضية الحيوانية وموالياً لأعدائها وتنصيب الآخر حاكماً مطلقاً على المزرعة, لتتحول المزرعة إلى نظام ديكتاتوري قمعي بقيادة الخنازير التي بدأت تستحوذ على امتيازات كبيرة، قادت تدريجياً لتغيير كثير من المبادئ التي قامت عليها الثورة، وعلى رأسها رفع شعار جديد يقول: "جميع الحيوانات متساوية، ولكن بعضها أكثر مساواة من غيرها.."؟! وهكذا يُرسخ اليهود القداسة على ما هو يهودي. فليس فقط الإنسان اليهودي من يعتبره اليهود مقدساً وله حقوق تتجاوز حقوق كافة البشر الآخرين، بل حتى "حمير" بني إسرائيل، وحيواناتها التوراتية أيضا لهم تميز عن بقية الحيوانات الأخرى .. وربما عن بقية البشر من غير اليهود! وهكذا فإنه وفق المنطق اليهودي فإن [كل البشر متساوون، ولكن "اليهود" هم أكثر مساواة من غيرهم من البشر]؟! [email protected]