أحلم بتوريث المهنة لأبنائي وأحفادي.. هكذا قال العم محمد «عاشق الخناجر» منذ أن كان عمره 11 عامًا حينما ورث المهنة عن أبيه. ويقول «العاشق» الذي يلفت نظر زواره بارتداء «الخناجر»: إن تصميماتها تختلف وفقا لموطنها، ولكن أكثرها له مقبض كثير الزخرفة, وتغطيه شبكة من أسلاك الفضة التي تكسو القراب وقد يحلى القراب والمقبض أو أجزاء منهما بنقوش ومشغولات فضية وتعتبر العظام أفضل مادة لصناعة المقابض رغم أن الخشب والبلاستيك قد يستعملان لنفس الغرض وأحسن أنواع الخناجر العمانية النوع الذي يحمل على جرابه سبع حلقات من الفضة اثنتان منها تستعمل لتثبيته بالحزام والخمسة الأخرى للتوشية والزينة. وعن المراحل التي يمر بها تصنيع الخنجر يقول العم محمد: أول عملية في صنع الخنجر طرق الحديد ومعالجته ليصبح من الفولاذ»، ثم نقوم بتصنيع نصل الخنجر ونأخذ قطعة من الجلد وقطعتين من الخشب ونجمعهما على شكل خنجر. ثم نحضر لوحًا من الكرتون، ونقطع منه شكل الخنجر المراد تنفيذه، ثم نلصق الجلد على خنجر الكرتون ونتركه يجف في الشمس لفترة ثلاثين دقيقة - ثم نرسم شكلًا بالقلم الرصاص ونطرز الشكل الذي رسمناه بخيوط الفضة أو غيرها من المواد، ثم نثقب ثقبين على الشكل الخشبي بمثقاب يدوي - ونُدخل في الفتحتين مسامير خشبية». وبعد ذلك نقوم بتنعيم السطح الخشبي بالمبرد حتى يصبح أملس، وتصبح قطعتا الخشب متقنتين تمامًا - نفصلهما ثم نجوف كلًا منهما تجويفًا على شكل شفرة الخنجر مستخدمين في ذلك المطرقة والأجنحة، ثم نلصقهما معًا مرة أخرى. وبالنسبة للجزء الأمامي نستخدم قطعة الجلد المطرزة بالفضة وتسمى (الزمة). ونقوم بتثبيت حلقتين متصلتين بأحزمة من الجلد عليها خيوط فضية على الجانبين، ثم نربط الحزام حول الخنجر. وبعد ذلك نقوم بملء بعض الوحدات الزخرفية أو النباتية أو أشكال الحيوانات على المقبض سواء أكان من مادة البلاستيك أم القرن بالفضة بواسطة القلم (المسمار المفلطح الرأس) والمطرقة والمادة اللاصقة. ونقوم بعدها بإدخال طرف الشفرة في الفتحة المعدة لها في المقبض ثم نثبتها بالمسامير المعدنية كي لا تتحرك، ويكون غمد الخنجر جاهزًا وهو يُسمى (قراب الخنجر) ثم نقوم بلحم القراب من الجانبين بالقصدير، وعندما يتم تنكيله يختفي أثر اللحام ويصبح شكل الخنجر انسيابيًا لا نتوء فيه وبذلك يكتمل شكل الخنجر. الخنجر أداة للزينة ويقول العم محمد على الرغم من أن الإنسان استخدم الخنجر كسلاح إلا أنه قد تحول مع الزمن إلى حلبة وأداة للزينة.. أنواع الأدوات التي يستخدمها العم محمد في مهنته كبير من ضمنها مكرة على شكل حديد تستخدم في تحديد الخناجر والأواني الفضية التي تستعمل كثيرًا وتتميز بزخارف كثيرة وبخاصة تلك التي تصنع من الفضة الخالصة. ونذكر على سبيل المثال, أنواع البنادق التي تتحلى بالنقوش الفضية في أعقابها, أو على مواسيرها, ومحافظ البارود الخشبية المصنوعة على شكل قرون الحيوانات, وتتحلى بنقوش ومشغولات فضية على أطرافها. أما محافظ البارود هذه فإنها تختلف اختلافا كبيرا سواء من حيث التصميم أو الثمن, ابتداء من قطعة الخشب أو القرن, إلى المحافظ أو التلاحيق المصنوعة من الفضة المذهبة. ومن الأدوات الفضية المستعملة التي توجد مع العم محمد هي: علب لحفظ النقود, والبيبات, وخلالات الأسنان, وأدوات وإبر التطريز, ونتافات الشوك, وهي كلها محلاة بنقوش وزخارف في غاية الروعة والإبداع تعبر عن مهارة الصانع والمحترف والحرفي أيضا في تشكيل الأدوات والأواني, وإضفاء لمسات من الذوق والجمال عليها. العم محمد يصنع المحزم «السبوت» الخاص بحمل الخناجر وتتنوع اشكاله وزخارفه بتزيينه برسومات وتنوع أشكالها وطولها على حسب حجم «الخناجر». جمال الخنجر يصنع الخنجر (الجنبية) عادة من الذهب ويوضع غمده محلى بالصياغة الدقيقة الجميلة ويتميز الخنجر عن غيره، وقال: إن هناك ميزات كثيرة في الخناجر وهي بانحنائه الخاص الذي يشكل زاوية عمودية تقريبا أما الاغمدة الخاصة فتصنع من الذهب الصافي وتكون محلاة بخيوط من الذهب أو مزيج من خيوط الذهب والفضة، بينما تصنع الاغمدة البسيطة من الجلد وتكون عادة محلاة بشيء من الفضة. لكل رجل تراثي وصاحب حفلات ومناسبات خنجره الخاص ويختلف شكل الخنجر باختلاف الإقليم الذي صنع فيه أما المقابض فأفضلها مصنوع من العظم والفضة رغم أن الخشب والبلاستيك قد يستعملان لنفس الغرض ويكون لغمد الخنجر عادة سبع حلقات فضية اثنتان منها لربط الحزام وخمسة للامساك بالخيوط الفضية التي تحاك حول الغمد لتجميله ويكون أعلى المقبض مسطح الشكل، أما الخناجر السعيدية التي تستعملها الأسرة المالكة فمعظمها ينتهي بشكل متقاطع. ولكن تعتبر هذه مهنتنا وأن مهنة الاجداد أصبحت الآن تذهب مثل السراب فكل شاب لا يفكر الا بالجلوس على المكتب المريح وانتظار مرتبه نهاية كل شهر (وكل ما نصح به الشباب) هو اللجوء للعمل الحر، افضل من الوظائف التي تربطك عن ابداعك في الفنون التي تحفظ المخزون التاريخي للبلد وتعيد الى الاذهان الماضي الجميل، وأكل العيش بالمال المجتهد به يعتبر سعادة وابتسامة للقلب.