أوضح الدكتور علي بن حسين البسام عميد كلية الآداب بجامعة الملك فيصل أن الإمام فيصل بن تركي - رحمه الله - قد أظهر أثناء حكمه الثاني تكريمًا وتقديرًا للعلم والعلماء في الأحساء واعتناء بهم وحرصًا عليهم وتلمسًا لاحتياجاتهم وإنزالهم منازلهم المناسبة والاستفادة من علمهم الغزير واستشارتهم وإمضاء حكمهم، وهو ما جرت عليه الدولة السعودية منذ نشأتها، ناهيك عن بنائه للمساجد والجوامع ووقفه الأوقاف وجعل النظارة عليها في أولئك العلماء وهو بذلك يحفظ مكانتهم العلمية وكرامتهم الأدبية وفي ذات الوقت يدعم دور المساجد والجوامع بصفتها أحد أهم مراكز العبادة وتلقي العلوم الشرعية. جاء ذلك في المحاضرة التي قدمها مؤخرًا بقاعة الواحة ضحى تحت عنوان «اهتمام الإمام فيصل بن تركي بعلماء الأحساء» في استهلال فعاليات لجنة النشاط الثقافي بكلية الآداب، حيث ابتدر البسام محاضرته بنبذة عن حياة الإمام فيصل بن تركي آل سعود أشار فيها إلى أن الإمام أقام دولته على أسس العدل، فجمع بين سياسة الشدة واللين وتميز عهده بالأمن والأمان، وبسط هيبة الدولة ومد نفوذها من جديد في فترة حكمه الثاني، فدانت له البلدان في المناطق الوسطى والشرقية من الجزيرة العربية وأجزاء من عمان، وأثرت سياسته الحازمة في دعم الاستقرار في مناحي الحياة المختلفة في الدولة السعودية الثانية وتتضمن الحياة العلمية والثقافية والتي كانت لا تتعدى بطبيعة الحال العلوم الشرعية من تعليم القرآن الكريم والتوحيد والفقه وبعض علوم الآلة إلى جانب الدراسة الأولية كالقراءة والكتابة، فالحركة العلمية كانت موجودة بصورة جيدة نسبيًا. مؤكدًا أن اهتمام الإمام فيصل بن تركي بالعلم وأهله وحرصه على دعم الحياة العلمية في مختلف أرجاء البلاد، لم يأتِ من فراغ وإنما جاء لتأثير كتاب الله عز وجل الذي كان يحفظه بين جنبيه وعلى نشأته وتربيته فانعكس ذلك إيجابًا على الحرص بنشر العلم والدعوة إليه، وبدا ذلك واضحًا من خلال مجالسه العلمية ومراسلاته ولقاءاته المختلفة مع العلماء والمشايخ وطلاب العلم، ومن خلال ما كان يؤيده لبعض فتاوى العلماء من شتى المذاهب الفقهية ودعم حكمها في بعض المسائل الفقهية المهمة وتعميم العمل بموجبها لما فيه مصلحة البلاد والعباد والذي يعد انفتاحًا من الإمام فيصل - رحمه الله - على المذاهب الفقهية المختلفة، عارضًا بعض الوثائق التاريخية المحلية التي تناولت في مضامينها صورا من حرصه واهتمامه رحمه الله بالنواحي العلمية والدعوية في الأحساء، وكما هو معلوم فإن الأحساء اشتهرت عبر تاريخها بكثرة مدارسها العلمية الشرعية المتنوعة والتي تنتمي إلى شتى المذاهب الفقهية المختلفة، وفاق عددها ثلاثين مدرسة علمية انتشرت في مدينتي الهفوف والمبرز والتي أسهم الميسورون من أهل الخير في الأحساء ومن خارجها بتشييد تلك المدارس وأوقفوا عليها الأوقاف الكثيرة المنتجة من مزارع نخيل وحبوب، وبعض تلك المدارس موغل في القدم منذ العهد العثماني الأول في الأحساء وبعضها منذ أيام حكم دولة بني خالد، وبعضها الآخر معاصر لعهدي الدولة السعودية في دوريها الأول والثاني.