تعجبتُ كثيرًا حينما تناولت صحفنا المحلية خبر انطلاق الدورة التدريبية (الأساليب الحديثة في الإخراج الإذاعي)، التي ينظمها جهاز إذاعة وتليفزيون الخليج، بالتعاون مع إذاعة جدة.. والتي نشر الخبر عنها عبر صحيفة المدينة. حينما قرأتُ الخبر بحثتُ عن أقطاب مَن يقدّمون هذه الدورة، ومَن يحاضر فيها، والتي تمنّى فيها مدير عام إذاعة جدة أن تسهم في صقل خبرات الملتحقين بهذه الدورة. وكان ممّن بحثتُ عنهم المشرف العام على الدورة (محمد هاني مهنا)، وعلمتُ أنه قدم للتوّ من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعُيّن قبل شهر معيدًا في قسم الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز؛ ممّا يعني أنه حديث عهد بالإعلام. فما هي الخبرات التي يملكها في مجال الإخراج الإذاعي؟ وما هو تاريخه الإعلامي حتى يقدّم ويرأس دورة يُفترض أن تضفي خبراتٍ على ممارسي الإخراج الإذاعي؟! ثم تحوّلت إلى محاضري الدورة، وبحثتُ عن أيّ معلومة عن سيرة المحاضر (خالد العجلان)، لكنني -للأسف- لم أحظَ بأيِّ معلومةٍ سوى أنه من منسوبي إذاعة الكويت! وأتمنّى أن يكون محترفًا في الإخراج؛ ليعوّض النقص في محاضري هذه الدورة. ثم انتقل للزميل رويشد الصحفي.. المهندس الإذاعي في إذاعة جدة بالأسلوب القديم في الإخراج، والذي تتعامل معه بالتقنية العادية في الإخراج عبر كونسولاتها القديمة التي أمضت العمر الافتراضي لها. الأساليب الحديثة في الإخراج ستدخل إلى إذاعة جدة عبر التقنية الرقمية بنظام (نيتيا) في مبناها الجديد، والذي لم يدخل الخدمة حتى الآن، وهذا النظام معمول به في إذاعة الرياض منذ سنوات، ولدينا في هاتين الإذاعتين خريجون ذوو خبرات، ويحملون شهادات الماجستير في الإخراج، ويمارسون الإخراج الإذاعي. فلماذا تم تجاهلهم؟ وأذكر منهم وليد البحر، الذي ترجم كتابًا عن نظام نيتيا الرقمي. إذًا أخلص إلى نتيجة أن هذه الدورة ولدت عشوائية، وبأسماء ليس لها سابق خبرة حتى تقدم الأنظمة الحديثة في الإخراج، كما يتضح من مسمّى هذه الدورة. أما كان الأجدى البحث في سير مَن يقدم هذه الدورة لتعود بالفائدة على منسوبي جهاز إذاعة وتليفزيون الخليج. ثم هناك تساؤل جعلني أحتار كثيرًا، وأقف عنده وهو انخراط خمس فتيات من جامعة الملك عبدالعزيز من طالبات قسم الإعلام في هذه الدورة، والتي لا يوجد في قسم الإعلام بجامعة المؤسس سوى تخصص واحد هو قسم الصحافة. طالبات لا يعرفن الإخراج، ولم يزرن في حياتهن إذاعة جدة، ولم يدخلن استوديو إذاعيًّا يتم زجهن في دورة متقدمة في الإخراج، انه أمرٌ محيّرٌ أن تولد دورة بهذا الشكل، ويُصرف عليها مبالغ طائلة، والاستفادة دون المأمول. وأجدها فرصة أن أقدم التهنئة لكلِّ مَن زار مبنى إذاعة جدة الجديد، واطّلع على استوديوهاته الحديثة الذي سنحتفل في السابع عشر من ذي القعدة بمرور عام على إغلاقه منذ افتتاحه على يدي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة دون أن تتم الاستفادة من هذا الصرح الإعلامي الجديد. (*) باحث إعلامي