الرشوة ليست ظاهرة سعودية أو خصوصية سعودية -كما أوضحنا ذلك في المقال السابق-، بالرغم من وجودها ومعاناة البعض منها، وما نشرته جريدة عكاظ في عددها 16623 عن قضية الرشوة والتخلص منها، وما أوضحه البيان المنشور وبلغة الأرقام عن عدد قضايا الرشوة والتزوير والاختلاس، ناهيك عما نشرته جريدة الرياض في عددها 15396 بعنوان: كيف نحمي المواطن الشريف من الرشوة..؟! والرشوة كما هي موجودة لدينا -على قلّتها- وفي الدول النامية، فهي منتشرة في الدول المتقدمة ولكن بنسب متفاوتة.. الرشوة كما أوضحها المختصّون تستفحل في الأنظمة التي لا توجد لديها أنظمة تحاربها أو مساحة كبيرة من المساءلة والشفافية، ولا تكون أنظمتها تتمتع بنظام رقابي حازم، بحيث لا تخضع تصرفات مسؤولي الإدارات للمساءلة والنقد، في ظل عدم وجود أجهزة قادرة على كشف الحقائق وإظهار مواطن الفساد.. فلدينا –ولله الحمد- هيئة مكافحة الفساد التي أمر بإنشائها الملك عبدالله -يحفظه الله- لمكافحة الفساد بكافة أنواعه. وهناك أسباب لانتشار الرشوة في مجتمعاتها منها: تخلف الإجراءات الإدارية والروتين والبيروقراطية.. ضعف دور الرقابة وعدم فاعليتها.. الوصول للمناصب بطرق غير نظامية.. ناهيك عن عدم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب.. انخفاض مستوى المعيشة وتدني الأجور.. سوء توزيع الدخل القومي.. وهذا بالطبع يؤدي إلى زيادة حد الانقسام الطبقي مما يُولِّد لدى الموظف شعور الحسد والحقد، ويُعبِّر عن هذا الشعور من خلال أخذ الرشاوى من أصحاب رؤوس الأموال.. كذلك ضعف الوعي الاجتماعي بحيث يتم تغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة، وأيضاً تدني المستوى التعليمي والثقافي لدى أفراد المجتمع.. فجهل الفرد بالإجراءات الإدارية وبالقانون يجعله فريسة سهلة للموظف الذي يُحاول تعقيد الإجراءات للحصول على رشوة، أيضا الرادع الأهم والأقوى والأجدى من جميع العقوبات الوضعية هو ضعف الوازع الديني، كذلك ضعف إحساس الجمهور بمدى منافاة الرشوة لنظم المجتمع، حيث أصبح الأفراد يشعرون بأن دفع مبلغ لإنجاز بعض أعمالهم لا يعتبر رشوة، بل يجتهدون لإسباغها بنوع من المشروعية، فالبعض يسميها إكرامية أو ثمن فنجان قهوة. [email protected]