منذ أشرقت شمس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- مؤسس هذا الكيان الكبير على الجزيرة العربية، أعانه الله على جمع شملها، وترسيخ وحدتها -بفضل الله، ثم بفضل قوة العزيمة، وحسن النيّة، وصفاء العقيدة- فقد كانت أولى اهتماماته العناية بالحرمين الشريفين: المكي، والمدني، وتأمين سبل الطرق، وإزالة شوائب الخوف. فتوارت عصابات الفزع، واستتب الأمن في أرجاء المملكة العربية السعودية، والاهتمام الآخر توفير الخدمات في الحرمين الشريفين، وبعد جهد جهيد تحققت الأمنية -بفضل الله، ثم بفضل العمل الدؤوب-، وتيقن العالم بيسر رحلة الحج إلى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، فتنامت أعداد الحجيج عامًا بعد عام، بعد توفير الأمن وسلامة الأنفس من أدغال الطرق. فضاقت ساحات الحرمين بالمصلين والمعتمرين والزوّار؛ ممّا أوجب توسعتهما للتسهيل على الآمين لهما، وإزالة كل عائق يُؤثِّر على مسيرة الحج، فاستمر الأبناء الملوك على منهج صقر الجزيرة بالاهتمام بشؤون الحرمين الشريفين، وضرورة توسعتهما لاستيعاب الأعداد المتزايدة، فسجل كل منهم لنفسه تاريخًا لا يُنسى بلمساتِ بناء لا تُمحى، طالما الحرمان الشريفان عامران. فتعاقبت مراحل التوسعة للحرم المكي، والمسجد النبوي بداية في عهد الملك سعود، ثم الملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد -رحمهم الله رحمة واسعة- ونعيش اليوم مع أكبر توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين، في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ولازالت توسعة الحرم المكي في أوجها، وهي الأكبر تاريخيًّا. وفي مساء يوم الاثنين الموافق 8/11/1433ه وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حجر أكبر توسعة للمسجد النبوي في التاريخ الإسلامي ليستوعب مليونًا وثمانمائة مصلٍّ، وعلى مساحة أكثر من مليون متر مربع، أي ثلاثة أضعاف المساحة الحالية، وتشرف بحضور هذه المناسبة الكبيرة عدد كبير من الأمراء والمشايخ والوزراء، يتقدّمهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وصاحب السمو المكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، وحدد ملك الإصلاح والعطاء -حفظه الله- فترة الانتهاء من هذا المشروع العملاق بعامين، فهنيئًا لرجل البناء الملك عبدالله بن عبدالعزيز بهذا الإنجاز الإسلامي غير المسبوق في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجزاه الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، وهنيئًا للعالم الإسلامي بهذا المشروع الكبير الذي تختفي بإتمامه -إن شاء الله- مسببات الازدحام حتى في أوقات الذروة.. والله المستعان. [email protected]