انصب اهتمام القيادة السعودية بالتعليم باعتباره الأداة الأساسية لبناء عقلية مستنيرة لإنسان هذا الوطن العزيز، والانطلاق نحو آفاق التنمية الشاملة والمستقبل المشرق الذي يليق بأرض الحرمين الشريفين وشعبها. وهو ما أمكن تتبعه منذ عهد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- الذي أولى التعليم ونشره وتعميمه في أرجاء البلاد أهمية قصوى، حتى وصلت مسيرة التعليم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- انتشارًا وإصلاحًا وتطويرًا إلى مرحلة لم يكن لأحد أن يتوقعها في تلك الفترة الزمنية الوجيزة، وهو ما أمكن لمسه من خلال مضاعفة عدد الجامعات عدة مرات، وفي حركة الابتعاث غير المسبوقة لآلاف الطلاب والطالبات إلى كافة دول العالم المتقدمة، وفي تخصيص أكثر من ربع الميزانية للتعليم. وحيث ظل هاجس القيادة الأكبر الانتقال بالوطن من مصاف الدول النامية إلى صفوف الدول المتقدمة، والتطلع نحو توطين التقنية وليس استيرادها، وهو ما تمثل منذ البداية، مع تسلم خادم الحرمين الشريفين لمقاليد الحكم صيف عام 2005 بجولته التاريخية التي اشتملت على أكثر الدول تقدمًا في المجالات العلمية والتقنية والصناعية، ثم رصده لتلك الأموال الطائلة لتطوير منظومة التعليم العام والعالي إلى أفضل وأرقى المستويات. يمكن للمراقب أيضًا ملاحظة أن مسيرة التعليم في بلادنا لا تعتمد فقط على الكم في تقييم مدى نجاح تلك المسيرة، وإنما أيضًا على الكيف، الذي يعني هنا الجودة، باعتبارها المقياس الحقيقي لقياس أثر التعليم في نهوض الوطن والارتقاء بالمستوى الحضاري للمواطن. لذا فعندما يقر مجلس الوزراء أمس الأول، برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، إنشاء «هيئة تقويم التعليم العام»، وربطها تنظيميًّا برئيس المجلس الأعلى للتعليم، على أن ترتبط في المرحلة الحالية برئيس مجلس الوزراء، بصفة مؤقتة إلى أن يمارس المجلس الأعلى للتعليم مهماته واختصاصاته، فإن ذلك يعني شيئًا واضحًا: إشراف خادم الحرمين الشريفين المباشر على التعليم بكل مراحله وأشكاله ومستوياته، والاقتراب أكثر من القيادات التربوية والأكاديمية ضمن شراكة من نوع جديد تتعلق بمستقبل الوطن وتعلية صرحه وتأمين مستقبل الأجيال.