أثار خطآن حدثا في نفس الأسبوع في كل من العاصمة الرياض، ومدينة الدمام في الشاطئ الشرقي من البلاد، أثارا سلسلة من التفاعلات وردود الفعل المتناقضة تعكس ما يعيشه مجتمعنا من صراع اجتماعي وفكري بين مختلف التيارات الثقافية والفكرية بين أبناء المجتمع. ففي مدينة الدمام دخلت دكتورة ألمانية «ستينية» متخصصة في علوم البيئة إلى قسم الهندسة، بكلية الهندسة بجامعة الدمام، وناقشت الطلاب في عدد من المواضيع التي تهتم بالمنهج الدراسي، قبل أن تنسحب بعد إبلاغها بضرورة الخروج من القاعة. ومن جهة أخرى، وفي الرياض نفى مصدر في جامعة الأميرة نورة ، صحة ما تُدوول عن قيام إدارة الجامعة بتكليف أساتذة رجال بتدريس الطالبات، مضيفا"ما تردد لا يعدو كونه شائعة تم تداولها لأغراض خاصة". وقد تفاعلت القضيتان وحفلت المواقع الالكترونية بالتعليقات الرافضة للاختلاط، وأطلق أشخاص يديرون حساباً تحت اسم «قناة المجتمع» السعودية على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي تهديداً ب«منع ومقاومة الاختلاط في الجامعات السعودية حتى لو وصل الدم إلى الركب». وانتهى الموقف في جامعة الدمام بتوجيه مدير الجامعة لفت نظر «شديد اللهجة» إلى عميد كلية الهندسة بسبب ما اعتبر خطأ في جدولة المواد قاد الى الخلط الذي أدى إلى دخول دكتورة (أنثى) للتدريس لطلاب (ذكور)، وانتهى الأمر عند هذا الحد .. حسب علمي. أما في الحالة الثانية، فإنه رغم نفي قيام أساتذة رجال بتدريس الطالبات، إلا أن حالة استياء كبرى سادت طالبات الكلية الصحية بالجامعة على ما اعتبرنه خطوة خطيرة أقدمت عليها الجامعة، خصوصاً أن الجامعة خاصة بالطالبات فقط، ومن المفترض أن يكون كافة طاقمها من النساء. وقد أعلن المحامي محمد بن أحمد الزامل عن استعداده لرفع قضية ضد جامعة الأميرة نورة في حال تم توكيله من قِبَل الطالبات. وتساءل في تغريدة على حسابه ب"تويتر": (ما الفائدة من جامعة بنات كلفتنا عشرات المليارات لتكون أكبر جامعة للبنات في العالم في تصميمها وتقنيتها ثم تكون التقنية دخول الرجال وتتحجب النساء؟) القضية برمتها في رأينا لا تستوجب كل ما أثير حولها من تداعيات. وقد وصف عضو مجلس الشورى الدكتور طلال البكري تدريس دكتورة ألمانية لطلاب هندسة الدمام، بأنه "خطأ جميل"، متمنياً تكراره مستقبلاً "متى ما استوعب المجتمع هذه الفكرة". ورغم اتفاقي مع الدكتور طلال من حيث المبدأ، فإن جامعة الأميرة نورة قد أنشئت كجامعة للبنات .. ويجب أن تبقى هكذا. وهناك،حتى في دول الغرب نفسها، كليات مُخصصة للبنات. وهناك كثير من الروابط لمثل هذه الجامعات، ومنها الرابط التالي: (http://www.univsource.com/womens.htm) الذي يحتوي على 65 كلية وجامعة نسائية. لكن هذا لا يمنع من أن تقوم أكاديميات بالتدريس للطلاب، أو أكاديميين من التدريس للطالبات في الكليات والجامعات العادية. وأن تكون الكفاءة العلمية هي المعيار الرئيس للاختيار دون التقيد برجل أو امرأة. وأعتقد أن الدارسين من الجنسين لديهم التزام أخلاقي يعكس قيم المجتمع وتقاليده، ما يؤكد أن مجتمعنا السعودي مازال بخير .. وسيظل هكذا إن شاء الله. [email protected] [email protected]