لم تمنع ماكينات الخياطة ذات التقنية العالية بعض الحرفيين القدامى الذين تميزوا في حياكة الملابس من الانزواء والبعد عن الساحة لكنهم أصروا على حرفتهم فى صيانة واصلاح الماكينات التقليدية خاصة وان بعض الاسر تحرص على الاحتفاظ بها فى المنزل نظرا لتميزها بمواصفات فريدة تفتقد إليها الحديثة المستخدمة كالزخرفة والمتانة وغيرها . ومن بين الذين تمسكوا بمهنة الآباء والأجداد في هذا المجال العم عباس محمود خوجة البالغ من العمر 62 عاماَ ، والذى يشير الى أنه تعلم حرفة تصنيع وتصليح مكائن الخياطة من والده الذي ترك بضع محلات حيث قوم ببيع المكائن وتصليحها أيضا. ويستطرد :» دخلت إلى هذه الأجواء الجميلة ، فى سن الثامنة ، ومازلت إلى ألان وأنا احرص على ما تعلمته من والدي الراحل كما أن العمل باليدين دون الاعتماد الكل على التقنية يجعلني سعيدا للغاية « وعن ذكرياته في هذه الصنعة قال بأنه أنهى هذا خلال ثلاثة أشهر إصلاح عدة ماكينات و قام ببيعها ب 30 ريالا وكان ذلك اكبر مبلغ يحصل عليه من صنعة يده . أما العم محمد خوجة الأخ الأكبر للعم عباس ، والذي يملك محلا مستقلا ويبلغ من العمر 65 عاماَ فيشير إلى أنه زاول مهنة والده وهو في عمر العاشرة ودارت به الأيام ، ولم يترك المهنة رغم أن باب الرزق مفتوح لكنه سعيد بمهنته ، وقال بأنه خلال مسيرته في هذه الحرفة ، كان يجهز المكائن لأمراء ومشايخ وزوار الطائف ، الذين يأتون في فصل المواسم ، ويسكنون قصورهم القديمة حيث كان متعاونا مع كثير منهم فى توفير لهم مكائن الخياطة . وعن مكائن الخياطة ألآن وفى الماضي، قال بأنها تغيرت كثيرا حيث كان استخدامها باليد ، ومن ثم بالقدم ، أما الان فتطورت واصبحت بالكهرباء ، وقال انه كان في العصور القديمة ، يجلس الخياط على صنع الثوب أكثر من شهرين ، وإما الآن في خلال يومين يكون الثوب جاهزا وهو ما يعتبرها الزبائن « نعمة « لكن صنايعية الماكينات التقليدية يرونها « ابرة « فى ظهورهم . المعروف أن الإنسان بدأ خياطة ملابسه منذ كان يعيش في الغابات والاحراش، وكان يستخدم عظام الحيوانات في عمل ما يشبه الابر، كما استخدم شعر الحيوانات وألياف النباتات في عمل خيوط بدائية، وعندما عرف الإنسان المعادن وأصبح قادر ا على تشكيلها صنع منها ابرا ودبابيس. و بعد الثورة الصناعية وبداية من القرن السابع عشر ظهرت محاولات عديدة لتصميم ماكينة خياطة ميكانيكية ، وتنسب كل دولة الي نفسها شرف اختراع اول ماكينة خياطة، فالفرنسيون يعتقدون انه الفرنسي بارثيليمو ثيموني، والامريكان يقولون إنه الياس هاو، لكن المصادر التاريخية تشير الى أن أول ماكينة خياطة آلية عملية اخترعها الخياط الفرنسي بارثيليمو ثيموني في العام 1830، وتعتمد ماكينة ثيموني في طريقة عملها على خيط واحد وإبرة معقوفة لعمل خط خياطة من غرزة السلسلة. وفي بداية العام 1841 تمكن ذلك المخترع من انتاج ثمانين ماكينة لحياكة الملابس العسكرية في مصنع بباريس، وتعرض لأزمة عنيفة عندما شنت مجموعة من الخياطين هجوماً على المصنع دمرت خلاله كل الماكينات خوفاً على فقدان وظائفهم. وكان تسجيل أول براءة اختراع أمريكية عام 1846 للمخترع إلياس هاو الذي ابتكر ماكينة خياطة عملية تعمل باستخدام الغرزة المغلقة والتي تنتج باستخدام خيطين من مصدرين مختلفين تماما كالماكينات التي نعرفها اليوم، وكانت ماكينة هاو مزودة بإبرة مثقوبة من النهاية، وتغرز الإبرة في القماش محدثة فتحة حتي الجانب الآخر.