سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأسواق الشعبية والستارة والتجارة! لا أتحدث عن عالم فنتازي، أو لايمكن رؤيته ومعرفة ما يحدث به، بل عالم يرتاده الجميع ويعلم ما يجرى فيه وما يحدث خلف كواليسه ..ومع هذا مازال في نمو وازدهار
استثماراً لهذه الهمة التي تعيشها وزارة التجارة والتشديد على قضايا الغش التجاري والتشهير بالغشاشين والمغالين في الأسعار أعرض اليوم قضية التستر الرهيبة العجيبة التي تعاني منها أسواقنا الشعبية بعد أن عرضت في مقال الأسبوع الماضي قضية الاحتكار وهيمنة مستثمر خليجي على معظم الماركات الشهيرة في سوق الملابس ولا أعرف ماذا تم في شأنها؟ لا أعرف - أيضا- إذا كان قطاع الجملة يعاني من نفس المشكلة أي تستر مواطنين على امتلاك وافدين للتجارة نظير مقابل مادي سنوى لشراء الاسم فقط وأحيانا يتضمن المقابل قيمة التراخيص والأذونات والأتعاب خصوصا إذا كانت « الستارة» شخصية ذات حيثية إجتماعية أو وظيفية مع أن الموظف لا يحق له التجارة حسب النظام القديم ولا أعرف إن كان القرار مازال أو حدث به تغيير لكن الأنظمة والقوانين ليست عائقا أمام فساد الضمائر إذا لم تكن مشفوعة بعقوبات رادعة ولا أظن التشهير يكفي. منذ سنوات طويلة ذهبت لشراء سجاد من أحد المحلات المرموقة في طريق المدينة وكان في استقبالنا البائع « أفغاني» خبيرا بالسجاد، وفي مكتبه تحدث عن مشكلة بينه وبين صاحب الاسم الذي يعمل تحت ستارته. يومها أول مرة أعرف شيئاً عن هذا الغول « التستر» أربكت البائع بدهشتي وأسئلتي. كان يدفع لصاحب الاسم - صاحب حيثية وظيفية ولكن اسم الابن المعاق هو الستارة - كان المبلغ السنوي المتفق عليه 500 ألف ريال ولكنه رفع المبلغ إلى مليون ريال في ذلك العام . كانت المسألة بالنسبة لي مغامرة مدهشة أريد معرفة تفاصيلها بدقة لذلك عرضت عليه عرضاً بأن أحل محل الآخر وبنفس المبلغ السابق ,نظر إليّ بتمعن قائلا :هل تستطيعين إخراج البضاعة من الجمرك والقيام بكل الاجراءات دون أن أدفع شيئا؟ لحظتها فقط أدركت حجمي بعد أن أدركه خبير السجاد الشرقي الذي قال مبتسماً: لذلك أدفع له! قلت: هل دخلك يوفي نفقاتك والمليون السنوي ؟ أيضا اكتشف سذاجتي وقلة خبرتي فاتسعت ابتسامته وقال: أجل! ثم أردف قائلا: بيعة واحدة يمكن دخلها 20 مليون ريال! بحلقت غير مصدقة وخرجت وأنا أكثر دهشة . منذ تلك الواقعة وأنا أحاول معرفة ماوراء تفرد البائع غير السعودي أو الباعة بالبت في كل الأمور، وأصبح التستر يستفزني لأنه استغلال لخيرات الوطن وللمواطن المستهلك وهدر للأموال التي تخرج في هيئة تحويلات الوافدين أو قيمة استيراد بضائع من الخارج يتحمل الوطن تكلفتها. لا أتحدث عن عالم فنتازي، أو لايمكن رؤيته ومعرفة ما يحدث به، بل عالم يرتاده الجميع ويعلم ما يجرى فيه وما يحدث خلف كواليسه الجميع ..ومع هذا مازال منتعشاً نشطاً في نمو وازدهار رغم أن خيره لغيره ومصدر هذا الخير المواطن السعودي المستهلك الأول والدائم لكل ما يباع في هذه العوالم الغريبة. نظرة على الأسواق الشعبية التي تبيع كل شئ حتى السجاد والموبيليا والمفروشات وفساتين العرائس والأدوات المنزلية التي لا يستغني عنها بيت. إذا ذهبت إلى سوق الشاطئ مثلا تجد أن الجالية المسيطرة على السوق هي البنغالية والهندية والسيرلانكية والبضاعة بدون تسعيرة وأنت وشطارتك لكن مهما ظننت أنك شاطر في المساومة لا تظن أنك الغالب لأنهم لا يبيعون بخسارة أبداً. أما إذا ذهبت لشراء سجاد أو موكيت مثلا فستجد أن المحلات كلها مسيطر عليها الإخوة الأفغان أو البخارية حتى صغارهم يزاولون المهنة بحرفية ( مهنة أبوك لا يغلبوك) . إذهب إلى ما شئت وكيف شئت لن تجد بائعاً سعودياً واحداً والسؤال الملح الذي يظل يؤرقني ولا أجد له جواباً هو كيف يمتلك كل هؤلاء – غير السعوديين – لكل هذه التجارة بينما تمنع أنظمة وزارة التجارة مزاولة التجارة لغير السعوديين؟ ربما يستفز سؤالي بعض القراء فيطرح سؤالاً مثلا: وكيف عرفتِ أنهم ملاك وأصحاب تجارة؟ سؤال جدير بالطرح حتى لو افتراضا ويستحق الإجابة! أولا : البائع يتصرف وكأنه المالك في العرض وتحديد الأسعار « غير المكتوبة» والمساومة على البضاعة. ثانيا: هل التاجر السعودي بهذه الطيبة أو البلاهة لترك هؤلاء يتلاعبون في الأسعار دون قيود ودون ضوابط أو رقابة؟ ثالثا: إذا كان هذا القطاع التجاري بهذا الحجم ولا يطبق السعودة ولا في حدها الأدني فأين الجهات المختصة من هذا التسيب العلني وعلى عينك ياوزارة التجارة؟! [email protected]