تشيرُ كثيرٌ من الدراسات الغربية والعربية على السواء، أن الإنسان الذي لديه قوة إيمانية أقل عرضة لمحاولات الانتحار، والاكتئاب، والأمراض النفسية، خاصة في أشد وأصعب المواقف. ومع نهاية شهر رمضان يسترجع المرء ما تعلّمه من نفحات إيمانية من قيام، وصيام، وجلسات القرآن، والذكر. ودروسي في هذا الشهر مع الأستاذة ميرفت سرحان ذكّرتني بأهمية "الإيمان" في حياتنا. وضربت لنا مثلاً أن كثيرًا من الناس قد يقرأون سورة الإخلاص، والمعوذتين، ثم تخاف من العين، والحسد، والسحر، أو تقول فلان حسدني. إذن كانت القراءة شفهية؛ وليست بيقين قوة ومعاني هذه الآيات، وبالتوكل على الله بعد قراءتها. لذلك كانت دروسنا فترة رمضان تفسير هذه السور الثلاث التي نقرأها ليل نهار لنُحصِّن أنفسنا من شرور الجِنّة والنَّاس. لقد أصبحت الكثير من القراءات، والعبادات عاداتٍ دون إيمانٍ واستشعارٍ لهذه المعاني والكلمات العظيمة. يقول الله عز وجل: (قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) الكهف. ويقول الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) لقمان. فإن كان البحر حبرًا، وكل الأشجار في العالم أقلام تستمد من بحار العالم، وفوقها سبعة أبحر لانتهت وبقيت كلمات الله. ولنا كنز من الكلام في القرآن الكريم، آخر الكتب لكل زمان، ولأي مكان. إن الأمن من الإيمان، فإن قرأنا هذه الكلمات والآيات فلنتوكل على الله، ونأمن حفظه وستره وحصنه. وإن أيقنّا أن الله هو النافع الرزاق المغيث الشافي، مجيب دعوة المضطر، فسنسعد بانشراح الصدر، وحلاوة الإيمان. لقد سعدت بوجود بنات مازلن في مرحلة الدراسة في جلساتنا؛ ممّا أكَّد لي أن الإيمان ليس مُتعلِّقًا بعمرٍ أو شخصيّةٍ معيّنةٍ، ولكنه يزيد وينقص في قلب العبد. فجزى الله معلمات الدِّين عنّا خير الجزاء، وأخصُّ بالشكر أستاذتي ميرفت سرحان، والتي هي أيضًا من النشطاء في التويتر، تُحب أن تعم الفائدة أمّتها، أمّة محمد صلى الله عليه وسلم"، والذي قال: "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم".. اللهم ارزقنا إيمانًا وقلبًا سليمًا.