البوكمال التى سقطت فى أيدي المعارضة أمس مدينة ومركز في محافظة دير الزور. وهى مدينة حدودية مع العراق ويمر عبرها نهر الفرات. وتأسست البوكمال عام 1864 م بعد أن كانت قرية صغيرة تسمى النحامة وتقع في منطقة سهلية على الضفة اليمنى لنهر الفرات في الجهة الشرقية من سوريا وترتفع عن سطح البحر بمقدار 165 مترًا لقد قامت في الفرات الأوسط أسمى الحضارات في التاريخ، ولا زالت تتكشف في روابيه آثارهامة، منها مملكة ماري العريقة... وكانت المنطقة معبرًا من معابر طريق الحرير الذي كان يصل الشرق بالغرب خاض فيها خالد بن الوليد معركة مع الروم، وكانت الشام والعراق والجزيرة في مثلث من الأرض تلتقي عنده طرق المواصلات لثلاثة أقاليم عربية الشام (سورية حتى البحر المتوسط)، العراق، الجزيرة السورية. وسميت البوكمال تيمنًا بأهالي المنطقة من عرب البوكمال من قبيلة العقيدات الزبيدية فهم يمثلون 98% من سكان المنطقة بشكل عام. وشهدت منطقة البوكمال المرحلة الأخيرة من حياة الدولة العثمانية في الوطن العربي ولعلها الفترة العصيبة في حياة سوريا بشكل عام والبوكمال بشكل خاص، وغادر الجيش التركي البوكمال كجزء من سنجق دير الزور عام 1918، وكانت طوابير الجيش المنسحب تمر على الطريق المحاذى للنهر بجانبيه الشرقي والغربي، وتعرضت للهجوم من قبل البدو وأهل الأرياف في البوادي السورية طمعًا بتخليصهم البنادق والحصول على غنائم وأسلحة من القوات التركية المنسحبة (العصملية) الألمانية المعروفة. تم الانسحاب بعد أن خسرت تركيا الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) مع ألمانيا من جهة والحلفاء من جهة أخرى، وبعد ذلك تقاسم الإنجليز والفرنسيون سورية والمنطقة واحتل الإنجليز بغداد في 11 آذار عام 1917 بعد أن كانوا محاصرين في الجنوب منذ عام 1914 وأخذوا يتحركون ببطء نحو الشمال على طول الفرات وفي الحبانية (أقاموا أضخم قاعدة لهم، ومن هذه القاعدة خططوا لاستكمال احتلالهم للفرات وفقًا لمعاهدة سايكس بيكو ودخول سوريا). والبوكمال على مر تاريخها معروفة بمناهضة الظلم، والاستبداد لذا شبت نار الثورة فيها وفى أنحاء محافظة دير الزور، بسبب الظلم الذي مارسه الجيش الإنجليزي في المنطقة وجرت معارك عديدة في الصالحية ووادي علي وتل المدكوك في شتاء عام 1919 وربيعها، دارت الدائرة فيها على الإنجليز وقتل منهم مئات، رغم طائراتهم وسياراتهم المدرعة، وقد أسقط العقيدات يومئذ عددًا من هذه الطائرات، واستولوا على عدد من تلك السيارات، وذبحوا ركابها، فانسحب الإنجليز إلى ما وراء الحد الذي نصبوه في القائم، وتركو البلاد لأهليها وللحكومة الفيصلية في دمشق.