بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم زادت حركة الردة في الجزيرة العربية، وكانت الردة على درجتين مرتدون ردة كاملة، وهم الذين اتبعوا المتنبئين في بلاد طي وحنيفة وأسد وتميم واليمن، ومرتدون ظنوا أن الزكاة لا تؤدى إلا للنبي صلى الله عليه وسلم. فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم اعتقدوا أنها سقطت عنهم. وفي هؤلاء راجع عمر بن الخطاب أبي بكر. قال عمر لأبي بكر: علام تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها. فقال أبو بكر: والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم على منعها، إن الزكاة حق المال، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة (إشارة منه إلى أن الله تعالى قد جمع دوما بين الصلاة والزكاة في القرآن الكريم. قال عمر: فما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. وعقد أبو بكر أحد عشر لواء في أنحاء الجزيرة العربية لمحاربة المرتدين ونجحت في القضاء على حركة الردة. فلا بد أن نعلم أن الزكاة مما علم من الدين بالضرورة، وأنها أحد أركان الإسلام، وأن فرضيتها ثبتت بالآيات القرآنية الصريحة المتكررة، وبالسنة النبوية المتواترة، وبإجماع الأمة كلها خلفًا عن سلف، وجيلاً إثر جيل فأبو بكر - رضي الله عنه - قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.