أكد سماحة مفتي لبنان الشيخ محمد رشيد قباني أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لعقد قمة التضامن الإسلامي تأتي تفاعلا مع الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية، وتأكيدا على ضرورة توحيد الصف والجهد من أجل الخروج من هذه الظروف العصيبة التي تعصف بالأمة، وبين قباني أن دعوة خادم الحرمين لعقد هذه القمة تنم بلا شك عن وعي كبير وإدراك عظيم للأحداث التي تمر بها الأمة الإسلامية اليوم، فخادم الحرمين أجدر باتخاذ زمام المبادرة من أجل العمل الإسلامي المشترك، وألمح مفتي مصر سابقا الدكتور نصر فريد واصل إلى أن الأمة تعيش معضلة وأحداثا عاصفة مزقت الأمة وشتت شملها، مما يتطلب من قادة وزعماء الأمة اليوم وهم يجتمعون بأطهر مكان وأشرف زمان في قمة مكةالمكرمة أن يناقشوا قضايا الأمة واستعراض ملفاتها الساخنة هنا وهناك، وعدم إغفال ما يواجه الأمة وشعوبها، وايجاد السبل في الخروج منها، داعيا في الوقت نفسه إلى الوحدة والتضامن والعمل الواحد لتكون الأمة بقادتها ودولها صفا واحدا في مواجهة أعداء الأمة، والقضايا على مشاكلها المترامية في أنحاء جسدها، في وقتها الصحيح. مفتي القدس: جاءت في وقتها وعد فضيلة الشيخ الدكتور عكرمة صبري مفتي القدس سابقا رئيس الهيئة الإسلامية العليا رئيس هيئة العلماء والدعاة اجتماع قادة الأمة ذات قيمة من قيم الدين الإسلامي، والذي دعا إلى الوحدة والتكاتف والترابط والتكافل، مشيرا إلى أن هذه الدعوة لعقد القمة جاءت في وقتها، لأننا بحاجة إلى موقف موحد لمعالجة أمورنا من خلال التفاهم والتصالح، راجيا من الزعماء المجتمعين أن يجعلوا قضية المسلمين الأولى (القدس الأقصى) على جدول أعمالهم، لأنها أصبحت قضية منسية وانشغل المسلمون عنها بمشاكل أخرى، مما فسح المجال لليهود أن يهودوها وينفذوا مخططاتهم العدوانية. الفتن تحدق بالأمة من جانبه قال الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي: ينعقد مؤتمر القمة الإسلامي الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية، في هذه الفترة العصيبة من عمر الأمة الإسلامية التي لم تشهد مثلها في غابر الأزمان، ولا تعرفها سائر البلدان، إنها فترة الفتن المحدقة والحروب الطاحنة بأيدي الأمة نفسها، مع شعوبها وأهلها وبلادها، حروب كانت لها بداية أما النهاية فخفية ولعلها لا تكون قريبة، ونرجو الله تعالى أن تكون نهايتها إحدى ثمرات هذا المؤتمر الطارئ في جوار بيت الله وفي خواتم الشهر الكريم، وفي هذا النفس الإيماني الذي لعله يؤثر على الأجندة المرسومة لهذه الفتن من خارج البلاد الإسلامية، ومن غير استشارة أهلها، مضيفا: وأنها مرسومة ومحبكة ومرتبة بإتقان لإضعاف الأمة وإبادة مقدراتها، لتبقى السيادة للجسم الغريب في المنطقة الذي حضر له أعداء الأمة من عام 1907م لكي لا تقوم الشعوب الإسلامية بما تستحقه من تطور وسيادة وريادة. وقال الحداد: نعم تحقق لهم ما يريدون في غرس الجسم الغريب في المنطقة ومكنوه من أرض الإسلام ومقدساته، ومكنوه من التفوق العسكري والتقني، بحيث لم تستطع الشعوب العربية خاصة والإسلامية عامة مجاراته فضلا عن قهره وطرده من أرضنا ومقدساتنا، فما ذا يراد بعد كل ذلك إلا التشفي من الأمم والشعوب، وتمزيق صفها لئلا تقوم لها قائمة، وهذه معلومات أصبحت معروفة عند العامة ومن أبجديات المعارف المعاصرة، ومع ذلك فليس هناك أحد يعمل على تلافي هذا الخطر الداهم، وكأن العيون في عماية والقلوب مقفلة والأذهان معطلة، وكأن منطوق قول الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا} ينطبق علينا معاشر المسلمين في هذا العصر وكأن الساسة والمسوسون يقومون بقتل بعضهم بعضا لإراحة أعدائهم من عناء المعارك التي قد تحملهم شيئا من العناء، وتقديم فتاة من التضحيات، فهي حروب بالوكالة وإفساد في الأرض من غير روية وهذا عمل لا يقره شرع ولا عقل ولا ضمير إنساني، فكان من الواجب على عقلاء الأمة من ساسة وقادة وذوي عقل أن يسهموا جاهدين في إطفاء هذه الفتنة التي أتت على الأخضر واليابس في بعض الدول، وما زالت تلتهم المتبقي منها، فكان الحال كما يقول الشاعر قديما: أرى خلل الرماد وميض جمر ... ويوشك أن يكون له ضرام فإن لم يطفها عقلاء قوم ... يكون وقودها جثث وهام، وهاهو خادم الحرمين الشريفين سيد عقلاء البشر اليوم قد جمع لهذه الفتنة رؤساء الدول وزعماء المسلمين ليطفئوا هذا اللهب المستعر، وهو بذلك يريد أن يحملهم المسؤولية أمام الله تعالى وأمام شعوبهم وأمام التاريخ الذي سيسجل عليهم وصمات العار والشنار إن هم فرطوا في إطفاء الفتنة بما يحقق المصلحة ويجنب المفسدة ويأتي بالاستقرار، فجزاه الله تعالى عن هذه الشعوب المطحونة المحروقة خيرا، وأن يبارك له في عمره وعمله وماله وجاهه، وأن يحقق هذا الغرض للأمة والملة والبلاد والعباد بمنه وكرمه.