غيّب الموت السبت الماضي الشاعر المصري العاشق البسيط الجدلي «حلمي سالم»، بمستشفى القوات المسلحة في القاهرة بعد إصابته بهبوط في الدورة الدموية وهو يستعد لتغيير خراطيم الغسيل الكلوي، ودُفن بعدها بساعات بمسقط رأسه بالمنوفية عن عمر يناهز ال61 عامًا، تاركًا خلفه عشرات الدواوين والمؤلفات النقدية اشتركت فيما بينها في تمجيد المحبة والثورة والحياة. كانت آخر نشاطات حلمي سالم أن احتفى قبيل وفاته في أمسية جمعت أحباءه في ندوة بحزب التجمع بديوانه الأخير «معجزة التنفس» حصيلة رحلة المرض والشفاء من السرطان.. هذا الذي غازله الشاعر قبل سنوات من إصابته به قائلاً: يبدو أن خوفي من السرطان الذي انتشر في الهواء والذي أخذ مني مجموعة من أعز الناس جعلني أجفل من رثاء دنقل حتى لا أكون في مواجهة مباشرة مع السرطان. وكأن سالم كان يعرف أن ديوان «معجزة التنفس» الخرزة الأخيرة في عقده الشعري، الخرزة التي آثر هذا الفنان الثائر أن يشاهد تشيد اكتمال تجربته المتفردة، لاذعة القسوة، رغم حفاوتها بالحياة. الراحل حلمي سالم كان أبرز شعراء السبعينيات، وأكثرهم إنتاجًا، وهو فضلاً عن كونه رئيس تحرير شهرية «أدب ونقد»، كان رئيس تحرير مجلة «قوس قزح» الثقافية المستقلة، كما كان ضمن مؤسسي جماعة «إضاءة 77» المرتبطة بجماعة «أصوات» الأدبية. وهو بالإضافة إلى ذلك أحد أهم عشاق الحياة، المحتفين بالثورات أينما كانت منذ «حبيبتي مزروعة في دماء الأرض» 1974، و»سيرة بيروت» وصولاً إلى «أرفع راسك عاليةً» الذي أرّخ عبرها لثورة مصر 25 يناير. كما عُرف عنه وعن شعره احتفاؤه الشديد بالمرأة والحب، فضلاً عن تفانيه سعيًا للحرية اللامحدودة، تلك التي تلبسته شعرًا وسلوكًا، وتربص له عبرها خفافيش الظلام، إذ اشتعلت عام 2007 أزمة بنفس عنوان قصيدته الشهيرة «شرفة ليلى مراد» التي نشرت بمجلة «إبداع» وهاجمها بعض المتشددين.