ليست مذبحة كولورادو التي ذهب ضحيتها 14 قتيلاً وأصيب فيها تسعة وخمسون آخرون بجراح هي الأولى، ولن تكون الأخيرة في سلسلة أعمال العنف التي تجتاح المجتمع الأمريكي بين فترة وأخرى. لم يكن مقتل هؤلاء في ساحة قتال أو في هجوم مسلح على أحد البنوك، بل كانوا مجرد متفرجين داخل صالة للسينما يشاهدون العرض الأول لفيلم «باتمان» الجديد. وقد تخفى مرتكب المذبحة، جيمس هولمز (24 عاما)، في صورة «جوكر» - عدو باتمان اللدود - عندما شن هجومه بنفس شعره البرتقالي الفاتح. وكما هي العادة بعد كل حادثة من هذا النوع ثار الجدل بشأن قضية حيازة «السلاح الشخصي» وقوانين السيطرة على السلاح، وتوافر الأسلحة النارية في الولاياتالمتحدة، والعنف المسلح الذي بدأ ينجرف إليه بعض الشباب. وكما حدث في حوادث مشابهة جرت في بعض المدارس والمؤسسات التعليمية حيث كثف التواجد الأمني في المدارس، قررت دور السينما في الولاياتالمتحدة تعزيز الإجراءات الأمنية بعد الحادث بما فيها تفتيش حقائب الرواد، ونشر عناصر إضافية من الشرطة للقيام بدوريات عند دور السينما بمدينة نيويورك, وألغي عرض فيلم باتمان في دور عرض باريس, بينما تم عرضه في لندن وسط إجراءات أمنية مشددة. وكما هي العادة أيضاً بعد كل حادثة من هذا النوع ثار الجدل مجدداً حول التعديل الثاني في الدستور الأمريكي الذي يعتبر حيازة السلاح حقاً خاصاً لكل أمريكي لا يمكن أن يُنازعه عليه أحد. وتعتبر الولاياتالمتحدة الدولة الأكثر تدججا بالسلاح في العالم، فهناك ما لا يقل عن 84 بندقية أو مسدساً لكل 100 شخص في أمريكا. وتؤيد غالبية الشعب الأمريكي استمرار ممارستهم للحق الدستوري في حمل السلاح، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب الديمقراطي قد يفقد جزءا من شعبيته بسبب موقفه المعروف ضد حمل السلاح إذا ما تجرأ وعرض القضية على أجندته السياسية بصورة واضحة. لقد اتفق معظم المراقبين على أن أفلام العنف Action، هي من أكبر المحفزات على ارتكاب مثل هذه الحوادث الفردية .. والجماعية. كما مثَّل ما تضمنه محتوى ألعاب الفيديو من عنف النقطة الأساسية التي أثارت الجدل بين الكثير حول ألعاب الفيديو. ويرى النقاد أن العنف في الألعاب يجعل الأطفال يعتادون على ارتكاب أفعال غير أخلاقية. ومن الممكن أن يتخذ العنف صورًا كثيرة تبدو في أي مكان على وجه الأرض، بدايةً من مجرد الضرب بين شخصين والذي قد يسفر عن إيذاء بدني وانتهاءً بالحرب والإبادة الجماعية التي يموت فيها ملايين الأفراد. إن هذه القضية تشير إلى مشكلة عميقة الجذور نخاف أن تنتقل بكل ما تحمله من أوبئة اجتماعية إلى مجتمعاتنا. لكن يجب أيضاً أن نعي أن التقنية هي وسيلة وأداة يمكن توظيفها في الخير أو الشر. فما أحرانا أن نتحرى أن نأخذ منها خيرها .. وندع شرها لأصحابها! نافذة صغيرة: [أفلام العنف المليئة بالقتل والدماء والمشاهد الدامية أشد خطرا على المراهقين بكثير من الأفلام الإباحية.] النجم السوري جمال سليمان. [email protected] [email protected]