إن أحد أهم أهداف إنشاء الأممالمتحدة هو تحقيق الحلم، الذي طالما راود المجتمع الدولي، بالاتحاد لمنع الحروب، وحل مشكلات العالم بطريقة سلمية. لذا فهناك آراء تنظر إلى الأممالمتحدة، كرجل البوليس المكلف، بتحقيق السلم والأمن العالميين. غير أنها لم تكن مؤثرة، في هذا السياق، على الدوام. ولقد نجحت في بعض الأحيان، سواء بإرادة أغلبية أعضائها، أو بتحالف بعض أعضائها، في بعض المهام، لكنها فشلت في مهام أخرى. ولقد رأينا خلال الثمانية عشر شهراً التي مضت على انتفاضة الشعب السوري والمواجهة المُسلحة لقوات نظام بشار الأسد لها من جهة، كيف عجزت كافة المبادرات الدولية وبعثات المراقبين العرب والدوليين عن القيام بما يُنقذ الشعب السوري من المجازر المتوالية التي أودت بحياة ما يقارب عشرين ألف شهيد سوري حتى الآن. وإذا كانت استجابة المجتمع الدولي بطيئة وضعيفة لإنقاذ الضحايا الأبرياء، فإن المشكلة لا تكمن في نقص الوازع الأخلاقي – في أغلب الأحوال – ولكن في عدم استخدام القوة بشكل فعال. ففي معظم الحالات التي تدخلت فيها الأممالمتحدة كانت تتحرك بعد أن يكون قد سالت دماء الضحايا وزادت أعدادهم. حدث هذا في رواندا سنة 1994 التي ذُبح فيها أكثر من 800 ألف من جماعة الأقلية المُسلمة من التوتسي في مدة 100 يوم باستخدام المناجل والسواطير. وفي إقليم دارفور في السودان، حيث قتل ما يصل إلى 300,000 شخص في إبادة جماعية عنيفة. وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2005، ولأول مرة، بالمسؤولية الدولية الجماعية عن حماية السكان من الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي،والجرائم ضد الإنسانية. لكن هذا القرار يبقي غير فعال ما لم تتوفر القدرة أيضا على حماية الناس والرغبة في القيام بذلك. وأمام هذا العجز تقترح وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت إنشاء قوات ذات تسليح جيد وتدريب كافٍ تقوم بالتدخل عند الحاجة نيابة عن المجتمع الدولي لإنقاذ الشعوب المُعرّضة للإبادة. وترى أولبرايت ضرورة أن تكون القوة التي ترمي إلى تجنب الإبادة الجماعية مشروعاً عسكرياً جاداً، بحيث لا تكون هذه القوات متدنية التمويل، أو يتم تشكيلها لفترات قصيرة، وجمعها في الدقيقة الأخيرة. وهو ما يستوجب إعدادها وتدريبها معاً مدة كافية لتطوير مهاراتها والمحافظة على جاهزيتها للانتشار بعد إشعار وجيز. وستجهز بأحدث وسائل الاتصال والنقل والأسلحة ويدعمها استخبارات فورية تقدمها بلدان لديها الأجهزة الضرورية والخبرة. ويصحب مكوناتها العسكرية وشبه العسكرية إداريون مدنيون ومدّعون عامون ينتمون إلى سلطات قانونية دولية. وعندما ترسل القوة، تكون مهمة العسكريين استعادة النظام، ومهمة المدنيين البدء بإعادة الإعمار على عجل، ومهمة المدّعين العامين تقديم المسؤولين عن جرائم الحرب إلى المحكمة. إنه اقتراح جدير بالنظر فيه، قدمته خبيرة شاركت في العديد من القضايا وشهدت بنفسها في الكثير من الأحداث .. وذلك لتفادي مذابح جديدة تقوم بها قوى مارقة لا تحترم الإنسان ولا تضع قيمة للحياة البشرية. "وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ". [email protected]