(1) الأسد ( الأب والابن ) ، صدام ، علي صالح ، القذافي ، ... والقائمة تطول : من أين أتى هؤلاء ؟.. هل هبطوا من كوكب آخر ؟! هل نحن الذين صنعناهم ، أم هم الذين جعلونا بهذا الشكل ؟ جميعهم عاشوا في مجتمعات عربية متشابهة حتى وإن اختلفت الجغرافيا، عاشوا معنا ، ودرسوا في مدارسنا ، وتشبعوا بموروثاتنا .. هم جزء منا، ولم يهبطوا من سماء غريبة ! كان من الممكن أن تختلف الأسماء .. والنتيجة واحدة ، فالثقافة والتاريخ الذي أنتج هؤلاء بإمكانه أن ينتج غيرهم بنفس المواصفات وبعناوين وأسماء مختلفة . هل نحن شركاء بصنعهم ؟.. للأسف: نعم ! هذا العقل العربي الذي ينظر بريبة لكل مختلف عنه ومعه : هو شريك بصناعة هؤلاء . هذا العقل العربي الذي تتسرب إليه الطائفية بسهولة ويسر ، عبر محاضرة واحدة : هو شريك بصناعة هؤلاء . هذا العقل العربي المرتهن للعشيرة وقوانينها : هو شريك بصناعة هؤلاء . هذا العقل العربي الذي سمح للآخرين أن يفكروا ، ويقرروا ، بالنيابة عنه : هو شريك بصناعة هؤلاء . (2) يتباهى العربي بحريته ، ومع هذا : يحكمه شيخ طائفته ، وشيخ الطريقة التي ينتمي إليها ، ويحكمه شيخ القبيلة وكبير العائلة ، وتحكمه الأعراف والعادات التي وُلد ووجدها أمامه .. كل هؤلاء يحكمونه قبل أن يأتي دور السياسي ، ومع هذا يظن أنه حر وعقله حر . يتباهى العربي بشرفه ، الشرف ( هذه القيمة العظيمة التي لا يمكن اختصارها بالكلمات أو بفعل محدد ) يختصرها العربي لتقف عند جسد إحدى نسائه ! يتباهى العربي بتاريخه ، وعبر ألف سنة وأكثر يبحث عن إضاءات صغيرة هنا وهناك ليبروزها ويمجدها .. يبحث عن ( سنتين فقط ) هما حكم الخليفة العظيم عمر بن عبدالعزيز ليتغنى بهما وينسى مئات السنين من الكبت ، وتاريخاً مكتوبة صفحاته بالدم . يتباهى العربي بالبلاغة ، وبأنه سيّد الشعر ، وهذا الشعر 90٪ منه هو استجداء للسلطان وتزييف للحقائق . ثقافة - في الغالب - تستطيع شراءها وشراء أهلها بكيس من الدنانير . تستطيع أن تستثني - هنا وهناك - ولكنك لن تلغي القاعدة . (3) أنظر حولك : أناس يجمعهم وطن واحد ، ويعيشون تحت سماء واحدة ، تجمعهم ألف مصلحة مشتركة .. لو انقطع الماء انقطع عنهم جميعاً ، ولو انهار السقف انهار فوق رؤوسهم دون أن يفرق بين رأس ورأس .. ومع هذا يتناحرون طائفياً ( وكل منهم له شيخه الذي يحرضه ) يتنابزون بقبائلهم ( وكل منهم يظن أن قبيلته الأعظم ، وكل مجدها غزوات صغيرة ضد الجيران ) .. عقول تم تأجيرها بالمجان لألف مستبد ومستبد . العقل العربي ما يزال أسير الجهل .. هو عقل معتقل .. والجهل : آفة الآفات ، ومصنع الطغاة الأول . [email protected]