عجيب أمر هذا الموت، والنفوس التي جبلت على الشرور، وعلى الكذب، والشهوات، والملذات، لا زالت في غيها لا تعرف معنى ودلالة هذا الموت الذي يأتي دون سابق إنذار، وهذا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً"، وسيدنا عثمان رضي الله عنه كان إذا ذكرت الجنة والنار لا يبكي، وإذا ذكر القبر يبكي حتى تخضل لحيته. فقالوا له مالك تذكر النار والجنة ولا تبكي وتذكر القبر فتبكي قال القبر أول منازل الآخرة فمن نجا فما بعده أيسر منه، فليعلم هؤلاء أن الموت يأتي ولا يفرق بين كبير وصغير ذكر أو أنثى فهو يقتحم البيوت دون سابق إنذار ينتزع الأرواح فتتحول إلى أشباح فليته ينكشف يقول عز وجل " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون" وقد يظن هؤلاء الذين تسيطر عليهم ثقافة اللاوعي والكذب وعدم معرفة دلالة الموت . ان الهروب من الموت ممكن يقول المولى عز وجل "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون". عبدالملك بن مروان يقول في مرضه عند الموت أرفعوني فرفعوه حتى شم الهواء وقال يا دنيا ما أطيبك، إن طويلك لقصير، وإن كثيرك لحقير، وإن كنا بك لفي غرور وقيل له كيف تجدك؟ قال: أجدني كما قال الله تعالى " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولنا لكم وراء ظهوركم". ويقول الاستاذ عبده خال عن قضية الموت في مقاله بجريدة عكاظ الثلاثاء 20 شعبان 1433ه بكلمات غاية في المعنى والدلالة " من نعم الله علينا أن جعل بيننا وبين الغيب حاجزا فلا نعلم ما الذي سيحدث بعد لحظة، وكلانا كبشر نسير في حياتنا ولا يعرف أي منا لحظة حلول أجله، عشرات الأحلام نسير بها ونعمل من أجل تحقيقها حتى إذا داهمنا الموت يكون مجيئه على حين غره، ولو علم أحدنا بأن ساعة أجله ستكون في الغد فلن يفعل شيئا وسيموت رعبا قبل أن يصل إليه الموت". انتهى. حقيقة عجيبة هذا الموت لماذا يغيب عنا وتنصهر هذه الحقيقة أمام لذاتنا وشهواتنا حتى يأتي هاذم اللذات ويكون بينهم وبين ما يشتهون، يقول الحسن:" ابن ادم إنك تموت وحدك وتبعث وحدك وتحاسب وحدك.. ابن ادم لو أن الناس كلهم أطاعوا الله وعصيت أنت لم تنفعك طاعتهم، ولو عصوا الله وأطعت أنت لم تضرك معصيتهم". رسالة القشة تطفو على سطح الماء [email protected]