رغم ما أحدثته مواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخص الفيسبوك من سرعة التواصل، والتحاور، والمناقشات المتسلسلة فترة الربيع العربي من حراك ظاهر ومؤثر في الساحة، وما لعبته من دور اجتماعي، وتوعوي، وإعلامي، واختصار لما يجري في العالم، لما فيها من ميزات متعددة تسمح بنقل المقاطع التلفزيونية، وفتح أشبه ما يكون بديوانيات على الهواء، فإن لعالم الفيسبوك وجهاً آخر، ولربما كالحاً!. فقد أعلنت صحيفة "ديلي مايل" اللندنية مؤخرا ، أنها حصلت على معلومات تؤكد كشف الشرطة لجرائم متنوعة متعددة عبر الفيسبوك، تم تسجيل (12.300) جريمة عام (2011) بمعدل جريمة واحدة كل 40 دقيقة. وتشمل الجرائم حوادث قتل، واغتصاب، وانتهاك أطفال، واعتداء، وخطف، وتخويف شهود، واحتيال، وتهديد بالقتل ... أي ما يسمى في الشريعة بالحرابة، ولكنها الحرابة الإلكترونية هذه المرة!. إلا أن اللافت في تقرير الصحيفة أن المشاحنات بين مستخدمي موقع الفيسبوك قادت مجموعة من الحالات إلى عالم حقيقي من العنف!. وحول هذا التقرير الخطير، يمكننا أن نقف هذه الوقفات. 1- يسهم الفيسبوك وما على شاكلته من برامج التواصل الحديثة وما يستجد (بتأطير) المتصفح والمتابع ضمن جو (عزلة)، رغم أنه للتواصل المفتوح! وهذه الانعزالية إن كانت نسبية إلى حد كبير، فإنها تشكل وجدان وفكر المتابع، وتكرار الانعزالية قد يولِّد مخاطر نفسية وسلوكية مفاجئة!. 2- استمرار الانعزالية في سن الأطفال والمراهقين عبر هذه الصفحات أمر غير مضمون، فسهولة التنقل بين الصفحات، بحجة متابعة الأصدقاء، أو حتى ما يتعلق بالهموم الدراسية، أو الهوايات الذاتية، أو الألعاب المسلِّية، قد يجرئ الناشئة على تصرفات سريعة لا تحمد عقباها، فعالم الفيسبوك لا يقل عن عالم التلفزيون، بخاصة إلى المراهقين اليوم اهتماماً ومتابعة، إذ فيه كل جديد وسريع، مع براهين وقصص التصرفات الصبيانية!. وهذا تماماً ما حصل من جرائم ثبت أن عدداً من مرتكبيها هم من سن الشباب، ولربما الصغار، تأثروا بالمشاهدة، والمحاورة، والاندفاع، والمغامرة. 3.- ثبت الآن أن هذه الأدوات العصرية تسهم في تشكيل فكر وسلوك الأجيال، فالمشاركة فيها ببرامج تواصلية مفيدة ضرورة ثقافية، ودعوية، وحضارية معاصرة. 4- في نهاية تقرير الصحيفة كُتبت هذه العبارة:"يحتاج الناس لأن يتذكروا أن الجريمة هي مجرد انعكاس للمجتمع الذي نعيش فيه، ولا يوجد شيء خطير أو جنائي في جوهر فيسبوك". وهي نظرة تعيد الأمر إلى حقيقة الفاعل، لا أداة الفعل بذاتها. [email protected]