(1) .... وأقرأ الخبر صباح الخميس 15/8/1433ه «الخطراوي في ذمة الله» يااااا الله كم هو مؤلم فقدُ مَن نحب!! وكم هو مبكٍ خبر موت أستاذٍ وصديق!! وكم هي الحياة قصيرة رغم بلوغ السبعين لشاعرٍ فذٍّ، وناقدٍ متمكّنِ، وناثرٍ أديبٍ. فتح الله عليه فنال شرفين: شرف المكان طيبة الطيبة / المدينة المنوّرة / مجاورة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم؛ وشرف العلم الشرعي والأدبي واللغوي، فسخّر الشرف الثاني للشرف الأول فكانت المدينة / المكان الذي تفتقت منه وفيه معالم الطموح، ورياح التكوين المعرفي، وروح العطاء الفني والشعري!! (2) رحمك الله أيُّها الشاعرُ المبدعُ، فقد عرفناك أيام المد الحداثوي في فضائنا الثقافي، فكنت صاحب الراية الوسطية التي ناقشت بهدوء وعقلانية، ونشرت القصائد والنصوص العصرية، ودخلت في تشابكات فكرية أنتجت معالم الحداثة الإسلامية التي صرح بها ذات حين دكتورنا محمد مريسي الحارثي، صنوك في النقد والأدب، ومجايله المغربي طه عبدالرحمن!! (3) ورحمك الله أيُّها الأديبُ اللذيذُ، الذي يمتع السامع والقارئ بحصافة عقله، ورجاحة منطقه، وجميل قوله إنْ شعرًا أو نقدًا، وإنْ نثرًا أو فكرًا. أذكر ذات ليل ثقافي في نادي جدة الأدبي، وكان مستضافًا ضمن الشعراء الضيوف، وأثناء تعليق الدكتور سعيد السريحي ألمح إلى كنية جديدة ألصقها بالدكتور الضيف -رحمه الله- وهي «الخطر أوي» باللهجة المصرية فما كان منه -رحمه الله- إلاَّ الابتسام، ورد التحية بأحسن منها!! (4) ورحمك الله يا صاحب المبادرات الأدبية، فمَن يتذكر مسيرة الوادي المبارك، وأسرته الأدبية، ودوره الثقافي في ربوع المدينةالمنورة سيعرف أن للخطراوي /محمد عيد، الدور الأكبر في التأسيس والإشراف والتفعيل، حتى أصبحت الأسرة منارة أدبية يهتدي بها السائرون في دروب المعرفة والأدب داخل المدينة النبوية وخارجها، واستمرت كذلك حتى تلاشت في النادي الأدبي بالمدينة المنوّرة، وكان للمرحوم -إن شاء الله- دور قيادي وثقافي بارز في النادي، وعطاءات ثقافية بلا حدود تُذكر فتُشكر. (5) ورحمك الله يا صاحب المشروع المعرفي / الثقافي الذي خصصته لمدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وثقافتها وتاريخها/ أدبها وشعرها، فكانت كل أطروحاته ومؤلفاته تدور حول محور الثقافة المدينية، وذلك من خلال ما كتبه عن الحركة الثقافية والفكرية والأدبية في مدينة المصطفى منذ العصور الجاهلية، وصولاً إلى عصرنا السعودي الزاهر، وكانت كتبًا أوليةً في مصدريتها، وذات أصول تحقيقية في منهجيتها، لا يستغني عنها طالب العلم، والباحث عن المعرفة. (6) وأخيرًا رحم الله الخطراوي / محمد عيد، الشاعر المبدع صاحب الدواوين الشعرية المعاصرة / التجديدية مثل: ديوان «أسئلة الرحيل»، و»تفاصيل في خارطة الطقس»، و»تأويل ما حدث»..... ولأهله نقول: عظّم الله أجركم، وأحسن عزاءكم في مصابكم، «إنّا لله وإنّا إليه راجعون».. ولأصدقائه المثقفين، والشعراء المبدعين، والنقاد الذين فجعوا في هذا المصاب نقول: أكثروا من الدعاء بالرحمة والمغفرة، وأن يدخله الله جنّات الفردوس مع الصديقين والشهداء والصالحين. والحمد لله رب العالمين.