يواجه سكان الشريط الساحلي الجنوبي الغربي الممتد بين محافظتي الليث والقنفذة وتهامة عسير وصولا إلى منطقة جازان جنوبا من زحف الكثبان الرملية نحو المزارع والمراعى والتجمعات السكنية خلال موسم الصيف مما يدفع كثير من الأسر إلى هجرة المكان والتوجه نحو المدن الآمنة. ويشير المزارع حسن العبدلي من أهالي بلدة الأحسبة شمال محافظة القنفذة إن زحف الرمال في تهامة يصيب الأراضي الزراعية الخصبة والمراعي بالبوار ويقلص التجمعات السكانية في المنطقة داعيا إلى التحرك بشكل عاجل لوقف زحف الرمال وتهديدها للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بالمناطق المتضررة. ويطالب هاشم العجلاني وزارة الزراعة بتبني مشروع لحماية البيئة، يمكن أن يشكل نموذجًا متكاملًا لحماية البيئة، يعتمد في آليته على المكافحة الميدانية الزراعية لزحف الكثبان الرملية بعمل مشجرات حراجية وأحزمة شجرية لتثبيت الكثبان الرملية والحد من زحف الرمال، إلى جانب الأخذ بيد المجتمع المحلي لتنميته في كل الجوانب سواءً ما كان منها تعليميًا وتثقيفيًا أو صحيًا وجانب الثروة الحيوانية، والجوانب الزراعية المحصولية. وفيما يتعلق بالاحتياجات الحالية الضرورية لتفعيل أنشطة مكافحة التصحر والكثبان الرملية يقول حسن محمد عوض:» نحن بحاجة إلى إيجاد إدارة لمكافحة التصحر والرمال الزاحفة يتم تشكيلها من قبل مختصين وخبراء في هذا المجال وتخصص لها الميزانيات المطلوبة للقيام بالدراسات اللازمة مع مواجهة الظاهرة عن طريق سن تشريعات يمكن الاستفادة منها في وضع إستراتيجية وطنية لمكافحة التصحر تحد من تقلص رقعة الأراضي الزراعية في مناطق الشريط الساحلي . ويرجع أحمد بن محفوظ أحد أسباب الهجرة من القرى إلى المدن لزحف الرمال المستمر على السكان والمزارع والمراعى حيث يؤدي ذلك تدهور الموارد الطبيعية المتجددة وانخفاض إنتاجيتها وخلق ظروف حياة صعبة وقاسية تدفع شرائح المجتمعات المحلية المختلفة إلى الهجرة نحو المدن . ويضيف الحسين الجعفري من أهالي مركز دوقة أن مشروع التشجير الرامي إلى حماية قرى دوقة من الزحف الرملي مات قبل أن يولد على حد قوله.. وتساءل عن مصير أكثر من 24 ألف شتلة من أشجار البزروميا التي باتت في مهب الريح دون وجود دراسة جادة وتخطيط علمي لزراعتها. وأكد أن قرى مركز دوقة مازالت تعيش تحت وطأة الرمال الزاحفة التي لا تلبث إلا أن تتحول إلى كثبان رملية تعمل على عزلة القرى عن بعضها البعض وتعوق حركة المواطنين وتغلق الطرق والمنافذ المؤدية إليها. وحول كيفية مواجهة زحف الكثبان الرملية على المزارع والتجمعات السكنية بطريقة علمية واقتصادية ،طالب اكاديميون بالاستفادة من الدراسات البحثية التي أجرتها الجامعات السعودية لإيقاف الرمال الزاحفة خلال فصل الصيف على الشريط الساحلي الجنوبي الغربي الممتد بين محافظتي الليث والقنفذة وتهامة عسير وصولا إلى منطقة جازان جنوبا وزارة الزراعة والجهات المعنية والتى يصاحبها هبوب قوي للرياح الحارة الجافة المحملة بالأتربة. واعتبر الأكاديميون تطبيق تلك الدراسات ضروريا للحد من مخاطر الرمال الزاحفة بعد فشل زراعة الأحزمة الشجرية في عدد من القرى المنتشرة على الشريط الساحلي والتي كلفت الوزارة مبالغ طائلة مشيرين إلى أن نجاح زراعة تلك الأحزمة مرهون بطبيعة المنطقة وملائمة الظروف المناخية لزراعة النباتات ومدى مقاومتها للظروف المناخية الصعبة في تلك القرى. وإلى ذلك نجح فريق بحثي من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة في ابتكار طرق حديثة لتثبيت الكثبان الرملية عبر استخدام مواد خام طبيعية لإيقاف زحفها والحد من المخاطر الناتجة عنها والتي تؤثر في التركيبة السكانية والعمرانية وايضا المزارع والطرق. وقال الدكتور محمد أبو شوك المشرف على الفريق البحثي إن الابتكار الحديث يسهم في الحد من مخاطر الكثبان الرملية المتحركة في المملكة على التطور الحضري والتي تتسبب في إغلاق بعض الطرق، وظهور المشكلات الصحية التي يسببها الغبار لقاطني المدن والقرى التي تتعرض للعواصف الترابية بتحرك رمال تلك الكثبان. وأشار إلى أن الابتكار يتمثل في خلط مساحيق من مواد خام طبيعية من محاور متعددة في الطبقة العليا للكثبان الرملية في أزمنة مختلفة للحصول على أفضل درجة في الخواص الهندسية للكثبان الرملية الناتجة لمقاومة الزحف والغبار جراء الرياح العاتية بأقل كمية وعمق وجهد وأقصر وقت. وأكد أن طرق تثبيت الكثبان الرملية تعتمد على خام البنتونايت الخامل واستخدام خواصه في التجانس ودرجة التماسك المرتفعة والمميزة للخام الطبيعي الخامل، بحيث تتماسك حبيبات الكثبان الرملية مع الخام المضاف بنسب مدروسة وبعمق مقدر، وذلك من خلال معرفة كل من درجة النشاط والتماسك، تناسب المخلوطات، دليل الانتفاخ الحر، دليل الليونة، سعة التبادل الأيوني، المساحة السطحية للترابط، وقياس دقات الاختراق تحت ظروف متنوعة، بحيث تنتج طبقة متجانسة متماسكة بعمق لا يتجاوز مترًا واحدًا غير قابلة للانقشاع بفعل الرياح الصحراوية العاتية، وحفظ الرطوبة الكامنة في طبقات الكثبان الرملية المطلوبة لبعض النباتات. ومن جهته أشار الحسين الفقيه المهتم بالدراسات الجغرافية الطبيعية ان اتساع مساحة الأراضي الصحراوية في المملكة يجعل مشكلة التصحر والجفاف مشكلة وطنية مشكلة وطنية تهدد الموارد الطبيعية المتجددة كالمياه والتربة والغطاء النباتي» وتؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي (النباتي والحيواني) ، إضافة إلى أن التصحر أصبح عائقًا أمام تنمية القرى التي تستهدفها خطط التنمية . وأوضح أن التصحر يتنامى بشكل خطير وتتسع رقعته نتيجة زحف الرمال التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من «100» متر في بعض القرى المواجهة لحركة الرياح العاتية المحملة بالأتربة .