ذات ليلة وبعد تناولي ثلاث جُرعات من الشاي الأخضر على الطريقة الموريتانية اللذيذة؛ استفزني خبر قرأته في إحدى الصحف؛ حيث سَبَح تفكيري في تناقضات هذه الحياة الغريبة في جوانبها المختلفة؛ ومنها النواحي الإدارية والمالية!! فالمدير أو المسئول في الإدارة يَقْبِضُ أعلى الرواتب والبدلات؛ وتحت خدمته سيارة بسائقها ووقُودها؛ بل حتى الصُّحف تأتي إلى مكتبه مجاناً! بينما المُسْتَخْدَم الذي في مكتبه راتبه بسيط، لا علاوات ولا بدلات؛ بل إنه يتنقل في المعاملات والملَفّات بين الإدارات بسيارته الخَاصة، وبنزيمها ومصاريفها من محفظته الخالية! صورة أخرى مدير أحد البنوك بل أحد فروعها؛ في حِسَابه البنكي أعلى المرتبات والمخصصات والمكافآت والعُمولات؛ كلّ ذلك وهو تحت التّكْييف، وبين أقْداح القهوة والشاي! وفي المقابل حارس الأمن الذي يحرسه، ويحمي مليارات البنك؛ يعيش بين حَرٍّ وبَرْد وأمن وخوف في دوام طويل يستمر لساعات، وراتبه قد لا يتجاوز (1500 ريال)!! بل العجيب الغريب أن هناك لاعِبا أو حارس مرمى يحمي ثَلاثَ خشَبات أو عارضَة وقائمين من أن تدخل بينها ( الكُرَة ذلك الّلسْتَك المنفوخ) تم التعاقد معه لخمس سنوات ب ( 25 مليون ريال)، يعني راتبه الشهري (اللهم لا حَسَد) أكثر مِن (400 ألف ريال)! وتصوروا الذي يَتَدرب ويتعب، ويُرْكَب، ويجري في السِّبَاق هو (الحصان أو الفرس). وفي نهاية الشوط الذي يستلم الكأس ويستمتع بالجائزة الرّاكب أو مالك الإسطبل! وأخيراً أليست هذه الحياة قاسية على المُسْتَضْعَفِين؟! فمتى يا زَمَن يكون راتب المستخدم في قيمة راتب المدير؟! ومتى يكون حِسَاب حارس الأمن مقارباً لتفاصيل حِسَاب مدير البنك أو حارس المَرمى؟! ومتى ينال (الحصَان أو الفَرَس) نصيبهما من الجائزة؟! ومتى يَتوقف (زَيْد) عن ضَرْب (عمرو) في شَواهِد نُحَاة العَرب؟! [email protected]