إلى متى يستمرّ مسلسل استعداء الآثار التاريخية؟ والاستهتار بها؟ بل والاعتداء عليها؟ حتّى تلك التي ترتبط بسيرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؟!. آخر الضحايا من هذه الآثار، حسب ما نشرته جريدة (المدينة/ يوم الأربعاء الماضي) هو صدْع جبل أحد، إذ كشف صالح الجهني، وهو إمام مسجد حيّ الشهداء في المدينة المنوّرة، أنّ أهالي الحيّ، ومنهم أقاربه وإخوته، قد أغلقوا الصدْع باجتهادٍ منهم بعد تأذّيهم وانزعاجهم من ضجيج زُوّاره، ويظهر لي أنه لم يُعارضهم لأنّ الغار- والقول له - غير مُسجّلٍ كأثر، وهناك زُوّارٌ يُولونه أهمية دينية مُحرّمة، ظناً منهم أنه قد شُقّ للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمعجزة إلهية كي يصعد من خلاله إلى أعلى الجبل خلال معركة أحد!. وبغضّ النظر عن حقيقة الصدع وكيفية نشأته، لا يحقّ لأحدٍ الاجتهاد في إغلاقه إلاّ الجهة المسئولة عنه، وهي هيئة السياحة والآثار، إذا صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء، والهيئتان لم تفعلا ذلك، فلماذا يُغلقه أفراد؟ هل هم أفضل من الخلفاء الراشدين ومن تبعهم من وُلاة أمر المسلمين الذين لم يُغلقوه لعشرات القرون؟ وعلى فرض أنّ لزُوّاره ضجيجاً فهناك جهات مختصّة تُعالج ذلك: الشرطة أو المرور أو الأمانة، كما أنّ القول بأنه غير مُسجّلٍ كأثرٍ.. أمرٌ سخيف، فهو قطعة من جبل أحد الذي هو أثر، فكيف لا تكون قطعةٌ منه.. أثرٌ كذلك؟ هذه مضاهاة لمن يقول أنّ قلب الإنسان الذي هو قطعة من جسمه ليس من جسمه!. أمّا القول أنّ هناك زُوّاراً يُولونه أهمية دينية مُحرّمة، فلماذا التشكيك في نيّات الناس؟ ولو كانت هناك قلّة جهلة منهم فلماذا لا يُوَعّون؟ أليس ترْكه مفتوحاً مع توعيتهم خيرٌ من إغلاقه مع بقائهم الدائم في جهلهم؟ ثمّ ما المانع أن يقرأ المسلم عن معالم السيرة النبوية الشريفة في الكتب ويُعاينها على الطبيعة؟ ليربط بينهما في قلبه ومشاعره؟ ويزداد يقينه وإيمانه؟. ما لها إلاّ الأمير عبدالعزيز بن ماجد ليتدخل لإعادة فتح الصدع، فهو أثرٌ صغير ضمن أثرٍ كبير قال عنه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أحدٌ جبلٌ يُحبِّنا ونحبِّه)!. تويتر: T_algashgari @T_algashgari [email protected]