تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية؛ بسبب ما يُسمّى بثورات الربيع العربي، وتعثّر مسيرة المصالحة الفلسطينية يدفع في اتجاه الانجراف بتلك القضية نحو حافة المجهول، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر العودة من جديد إلى دوائر العنف، خاصة في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. لذا يمكن القول إن القضية الفلسطينية تمر الآن بمرحلة غير مسبوقة في صعوبتها، وتحدياتها، مع استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، ومحاولات إضفاء الشرعية على المستوطنات القائمة، إلى جانب زيادة وتيرة الاعتقال الإداري من قبل سلطات الاحتلال، وتغييره الطابع العمراني والديموغرافي للأراضي المحتلة، خاصة في القدسالشرقية، واستمرار الحصار الظالم على قطاع غزة، وإنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني على نحو يخالف القانون الدولي، وهو ما يضفي أجواءً قاتمة على مصير ومستقبل الشعب الفلسطيني. وإذا أردنا الوقوف بدقة على حجم الصعوبات التي تمر بها القضية الفلسطينية الآن يكفينا الرجوع إلى التقرير الشهري الصادر مؤخرًا عن دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية، الذي أوضح أن حجم جرائم الاحتلال بلغت خلال شهر يونيو الماضي، 18 شهيدًا بينهم 4 أطفال، و225 معتقلاً، فيما أقر الاحتلال بناء 2680 وحدة استيطانية جديدة. إلى جانب إقرار خطة لبناء 2500 وحدة سكنية في مستوطنة (جيلو)، والمصادقة على بناء 180 وحدة في مستوطنة تلبيوت الشرقية، ورصد 4 ملايين شيقل لتمويل مشروع استيطاني جديد في سلوان، إضافة إلى إصدارالموافقة على مشروع جديد لإقامة مجمع للمحاكم الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى. يمكن الاستدلال على خطورة الوضع من خلال ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان 17/ 19، وتقرير مقرر الأممالمتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة لجهة أن ما تضمنه التقريران من تصميم إسرائيل على الاستمرار في ارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة، بما يشكل تحديًا صارخًا لقرارات الشرعية الدولية، ولمبادئ القانون الدولي، كما يعكس مدى عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في تحقيق حل الدولتين، وهو ما يتطلب مضاعفة مسؤولية المجتمع الدولي بعامة والقيادة الفلسطينية بخاصة لتفعيل الجهود المبذولة لجعل حل الدولتين أمر واقع.