جوانب التميز والريادة في شخصية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، أكثر من أن تعد أو تحصى، تتقدمها هذه الخيرية المطبوعة غير المصطنعة أو المتكلفة في شخصية سموه. فهو شخصية جبلت على فعل الخير، وفتنت بصنائع المعروف، والجمعيات والمؤسسات والمنظمات الخيرية التي أسسها أو التي يرعاها كثيرة جدًا، وكثير من هذا الكثير مختص في خدمات بعينها تتعلق بشأن صحي أو اجتماعي أو سواه. وقد نشرت تحقيقات صحفية عدة عن جمعيات سموه ومؤسساته الخيرية في مجلة "الإغاثة" التي أرأس تحريرها وتصدر عن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية خلال عدة سنوات. كما أهتم الإعلام الخيري في العالم العربي والغربي على السواء بأعمال سموه الخيرية الطليعية. وأورد في هذه المقالة قصة غير عادية تدل على حرص سموه الكريم على فعل الخير أكثر من أي شيء آخر، وزهده في الثناء، وتفكيره في الآخرة قبل الدنيا، وهذه القصة منشورة في مجلة (الإغاثة) العدد (50) الصادر في جمادى الأولى 1433ه. فقد كان أعيان وأهالي مدينة الرياض قد أبدوا رغبتهم في إقامة احتفال ضخم بمناسبة مرور أكثر من خمسين عامًا على تولي سمو الأمير سلمان إمارة منطقة الرياض، للتعبير عن عرفانهم وامتنانهم للدور التأريخي الذي اضطلع به سموه في تطوير المنطقة بشكل عام ومدينة الرياض بشكل خاص والجهود غير العادية التي بذلها سموه خلال نصف قرن أو يزيد للنهوض بها، حتى أصبحت من أكثر عواصم المنطقة كلها تقدمًا ونموًا وازدهارًا وتكاملاً في الخدمات. وبعد عرض المقترح على سموه وجه عوضًا عن ذلك بإقامة مشروع خيري يخدم أهالي المنطقة، ويدعم الجمعيات والأعمال الخيرية بها، لكون الاحتفالات تعد بذلاً للجهد في أمور شكلية تنتهي بانتهاء وقتها. وقد رحّب أعيان وأهالي المنطقة بالمشروع وعقدوا العزم على إنشاء جمعية خيري باسم "جمعية الأمير سلمان بن عبدالعزيز للأعمال الخيرية". ورخص لها من وزارة الشؤون الاجتماعية في 18/9/33ه وحددت أبرز مهام هذه الجمعية في دعم الأعمال الخيرية وكذلك الجمعيات الأخرى العاملة في الشأن نفسه في مدينة الرياض وذك بتقديم الخبرات لها في إدارة العمل الخيري ومتابعته، وتدريب منسوبيها ودعمها بما تحتاجه لتحقيق أهدافها وهذا يعني أن هذه الجمعية ليست جمعية تقليدية بل هي بيت الخبرة الأول في شؤون العمل الخيري ومرجع الجمعيات الأخرى في استثمار أفكارها وخبراتها وتلقي الدعم والمساندة منها. وستسعى "جمعية الأمير سلمان للأعمال الخيرية" إلى تأسيس وقف لها يقوّي مصادر دخلها ويضمن استمرار أعمالها باعتبار أن الرافد المالي هو المقوم الأول لنجاح أي عمل خيري، وترجمة لرغبة سمو الأمير سلمان في استمرار هذه الجمعية وأعمالها دون الارتباط بأي شخص أو ظرف، وذلك لا يكون إلا بتوفير الرافد المالي الذي سيوفره وقف الجمعية ويغطي مصروفاتها وتكاليفها وقد أثار إنشاء "جمعية الأمير سلمان للأعمال الخيرية" إعجاب الكثيرين من أهل الفكر وثمنه المهتمون والمختصون في الأعمال الخيرية والإنسانية، معتبرين إنشاء الجمعية ترجمة فعلية لفكر الأمير سلمان وتوجهاته الخيرية الرامية إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين ودعم مجتمع التكافل بما يضمن تكامل الجهود لتعميم العمل الخيري في أرجاء المملكة. واللافت في قصة تأسيس هذه الجمعية الرائدة كما هو ظاهر للعيان، أنها قامت عوضًا عن إقامة احتفال ضخم لتكريم سمو الأمير سلمان بمناسبة مرور خمسين عامًا على توليه إمارة منطقة الرياض، وهو تكريم يستحقه سموه بجدارة وامتياز، ولكن سموه آثر أن توفر نفقات هذا الحفل لإقامة مؤسسة خيرية تعود بالنفع على الفقير والمحتاج وهي لفتة كريمة من رجل كريم، وهو دأب سلمان بن عبدالعزيز في كل مرة يشكر فيها أو يمتدح، وليس معنى ذلك أنه لا يقبل المدح والثناء الصادق والتكريم المخلص، بل إن لسموه قدرة على تحويل كل ذلك إلى شأن خيري أو وطني، فكأنه يرى تكريمه في نفع المواطن ورغد عيشه وحل مشكلاته. والشيء بالشيء يذكر، فقبل سنوات قليلة كنت قد نشرت مقالة في هذه الصحيفة الغراء عنوانها (هنيئا لكم أهل الرياض) تحدثت فيها بتجرد تام عن كل ما تتمتع به عاصمتنا الحبيبة من مظاهر الرقي والتحضر والتمدن واكتمال الخدمات والمرافق العامة وتنظيم الطرق وجمال المباني والنظافة إلى آخر القائمة، ولم أملك إلا أن أشكر أميرها المحبوب سلمان بن عبدالعزيز الذي يقف وراء ذلك كله. وفي صبيحة اليوم الذي نُشرت فيه تلك المقالة تلقيت مكالمة من مكتب سموه في الرياض، ونقل لي من كلمني شكر سموه لي على وطنيتي الصادقة (كما قال جزاه الله خيرا) وأبلغني دعوة سموه ولي لزيارته في مجلسه، ثم ختم المكالمة بعبارة لافتة، طلب سموه منه أن يبلغها لي وهي (يبلغك الأمير سلمان أن جدة ستوازي الرياض في التقدم في عهد الأمير خالد الفيصل) ذلك أن المقالة نشرت إبان تسلم الأمير خالد الفيصل إمارة منطقة مكةالمكرمة. وهانحن جميعا نرى ما توقعه سموه ماثلاً للعيان في حقبة قصيرة، فقد تحقق لجدة ومنطقة مكةالمكرمة في سنوات قليلة ما لم يتحقق في أي وقت مضى. [email protected]