تناول نشر الحقائق مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية للأبحاث من خلال مقابلة مع الصحافي المقيم في بغداد تيد باركر، تناولت سلسلة التطورات السياسية والأمنية في العراق مؤخرًا، وكلها تثبت أن هناك فوضى سياسية وترديًا اقتصاديًا يسودان على المسرح العراقي. يقول تيد باركر في حديثه: «إن رئيس الوزارة نوري المالكي فشل في تأليف حكومة الوحدة الوطنية التي وعد بها بعد انتخابات عام 2010م، وعزل المعارضة فشكّل ذلك خيبة أمل لدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما» وبحسب الصحافي تيد باركر لم يعد الأمريكيون مهتمين بالعراق كما كانت اهتماماتهم في السابق، وهذا وضع طبيعي بالنسبة لأمريكا لعدم ثباتها على مبدأ، وإنما تتقلب بمواقفها لتجعل من صديق اليوم عدوًا لها في الغد، فعلت ذلك في إيران الشاه، وتكرره اليوم في عراق صدام حسين الذي حاربته وحاكمته وأعدمته بالأمس، وتحاول اليوم التخلّي عن العراق، وفي ما يتعلق بالوضع الأمني قال تيد باركر: «إن عدد الهجمات الإرهابية تصاعد بعد خروج القوات الأمريكية في شهر ديسمبر من عام 2011م، وخصوصًا أن العراق يعج بالحركات المسلحة، منها ما هو مرتبط بأحزاب سياسية، ومنها ما هو على ارتباط بجماعات متطرفة تعمل على أرض الواقع». أعاد تيد باركر سلسلة الهجمات التي شهدها العراق إلى تنظيم «القاعدة الذي ينشط في البلاد، حيث يستهدف التفجيرات في كثير من الأحيان من مواطنين شيعة، بالإضافة إلى الاغتيالات التي تنفذ بحق موظفين في الخدمة المدنية، أو مسؤولين في الأحزاب السياسية». اعتبر تيد باركر أن «العنف في العراق يتصاعد لأسباب مبهمة وغير مفهومة في كثير من الأحيان، لكن ما هو مؤكد أن تنظيم القاعدة هو الذي يقف وراءه أو أقله تأتي الأوامر بإيعاز منه لجماعات إسلامية تنفذ عمليات ضد خصوم لها في السياسة. أضاف تيد باركر قائلاً: «منذ الانتخابات الأخيرة والسياسة في العراق تشهد حالة ركود، إذ لم يعد هناك تقاسم حقيقي للسلطة التي باتت محاصرة من قِبل نوري المالكي الذي يواجه اليوم معركة شرسة مع خصومه، أو الذين انقلبوا.. عليه ومصممين على خلعة من السلطة». تحدث تيد باركر عن «العقلية المتأصلة في عقول المسؤولين الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة؛ لذا لا يثقون بأي طرف سياسي، ولا يؤمنون بمبدأ الشراكة في بناء المؤسسات والوطن»، ونتيجة لهذه العقلية يقول تيد باركر إن «نوري المالكي اتهم بأنه ديكتاتور، وبدأ خصومه بالعمل على اسقاطه فيما يقوم باستغلال انقسام الجماعات المعارضة له، وفشلهم في تقديم رؤية مشتركة للعراق». أشار الصحفي الأمريكي المقيم في العراق تيد باركر إلى «الهجوم وما ارتبط به من جهود تعثرت منذ تشكيل الحكومة، وتقاسم السلطة بين نوري المالكي والكتلة السياسية السنية، والكرد والدليل أن الوزارات الأمنية الثلاث التي كان من المفترض أن يتم توزيعها بالتساوي لا تزال تحت سيطرة رئيس الوزارة نوري المالكي». وفي مقابلته لفت تيد باركر إلى أن «الإدارة الأمريكية تشعر بخيبة أمل إذ إنها لم تكن تريد أن تسجل انسحابها من العراق لأنه يمثل فشلاً كبيرًا؛ ولذا شدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في لقائه الأخير مع نوري المالكي رئيس الوزارة العراقية في واشنطون بالثناء على العراق باعتباره يتبع نظامًا ديمقراطيًّا في مرحلة النشوء، لكن الواقع -بحسب رؤية تيد باركر- هو أبعد ما يمكن عن ذلك، إذ إن الحكومة الائتلافية هي مجرد اسم على الورق، خصوصًا أن رئيسها لم يوفر جهدًا في إقصاء خصومه من السنة والكرد، وملاحقتهم، وتلفيق الاتهامات ضدهم». واعتبر الصحفي الأمريكي المقيم في العراق تيد باركر «أن معظم الأمريكيين لا يهتمون بحرب العراق، لا بل ينظرون إليها بوصفها مغامرة مكلفة ماديًّا وبشريًّا، وعلى الأرجح لم تعد ترى الإدارة الأمريكية في العراق قضية دسمة لدى معظم المواطنين الأمريكيين. ختم تيد باركر مقابلته بأن الوضع لا يزال حرجًا، وما زال مستقبل العراق يشكّل علامة استفهام.